رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

نجوم الكرة والفن أشهر الزبائن «نبروه».. قلعة صناعة الفسيخ


19-4-2025 | 14:57

.

طباعة
تقرير: سما الشافعى

أيام قليلة ويبدأ المصريون الاحتفال بأعياد الربيع، ومع العد التنازلى للاحتفال بشم النسيم تبدأ كالعادة أسعار الأسماك المملحة فى الارتفاع، إلا أن مدينة «نبروه» أو قلعة الفسيخ فى الدقهلية، كما يطلق عليها العملاء لم يتأثروا بتلك الزيادات.

مجلة «المصور» تجولت داخل أورقة مدينة «نبروه» رائدة صناعة الفسيخ بمحافظة الدقهلية، والتى اشتهرت باستقبال الزوار من كل أنحاء الجمهورية فى هذا التوقيت من كل عام باعتبار عيد الربيع هو عيد الفسيخ مثل عيد الكحك ومثل عيد اللحمة، حيث تقوم العائلات بشراء كميات من الفسيخ لتوزيعها على الأصدقاء والجيران، ويحتفلون بيوم شم النسيم كطقس قديم سواء مسلمًا أو قبطيًا فهو من الأعياد المصرية القديمة، التى ظل المصريون القدماء يحتفلون بها بطقوس فريدة ومميزة على مدار عقود، فهذا اليوم منذ عهد الفراعنة، هو يوم عيد قومى يحتفل به المصريون كل عام، وعلى الرغم من شهرة محافظة الدقهلية بالعديد من المنتجات، إلا أن صناعة الفسيخ بمدينة «نبروه» فرضت نفسها على مستوى الجمهورية والبلدان العربية فى إنتاجه وتصديره.

تعتبر عائلات «اليمانى والغلبان والحداد والملاح وأبو شعير والرشيدى والحاج حمدى نور»، من أشهر عائلات نبروه الذين يتوارثون مهنة صناعة الفسيخ.

بداية، يقول الحاج محمد الرشيدى، أحد تجار الفسيخ بمدينة «نبروه»، إن المدينة تشتهر بصناعة الفسيخ الذى يعتبره المصريون من أهم وجبات «شم النسيم»، وتشهد مدينة «نبروه» الازدحام والإقبال فى عملية البيع والشراء للأسماك المملحة فى هذا التوقيت من كل عام. 

وأضاف «الرشيدى» أن أسعار الفسيخ هذا العام تتراوح ما بين 280 جنيها إلى 400 جنيه، مشيرًا إلى أن هذا يعتبر موسمًا لهم كتجار فسيخ، حيث يزداد الإقبال على الشراء بشكل كبير، بالإضافة إلى لجنة إشراف من الصحة ومن التموين، حيث تتم متابعة الإتقان والنظافة، وهناك أسر عديدة تأخذ كميات كبيرة تصل إلى عشرين كيلو، ويقومون بتوزيعها على المحافظات. 

وقال الحاج حمدى، صاحب محلات خلود النيل، إنه خلال موسم تصنيع الفسيخ يقوم أصحاب محال الفسيخ بتوظيف أكثر من خمسة عمال آخرين بيومية أكثر من 200 جنيه لمدة عشرين يومًا، علاوة على إطعامهم، وبالتالى فإن التاجر يقوم بتعويض النفقات فى سعر البيع خلال موسم شم النسيم. ويبدأ العميل بشراء الأسماك المملحة والفسيخ بأنواعه قبيل عيد شم النسيم بأسبوع أو أكثر، لافتًا إلى أنه يقع فى مدينة «نبروه» مصانع الفسيخ والسردين التى يزورها عدد من الأثرياء لشراء الفسيخ، حيث تنقسم تجارة الفسيخ بين عدة عائلات مثل «الغلبان والحداد واليمانى والوادى الجديد وخلود النيل».

بينما يقول الحاج محمد عبدالحميد، صاحب أشهر محل فسخانى بمدينة المنصورة «الممتاز»، إن زبائن المحل ثابتون ويقومون بشراء الفسيخ كل عام لتوزيعه على الأهل والأقارب كهدايا موسمية، لتعتبر عادة سنوية بين أهالى محافظة الدقهلية، مشيرًا إلى كيفية اختيار وشراء الفسيخ الجيد من أى مكان قائلًا: «الفسيخ الجيد يظهر من شكل السمكة وخاصة الخياشيم، والسمكة تكون ممشوقة القوام وسليمة، والسمك السمين لونه أحمر فى منطقة الرأس ولون اللحم يكون ورديًا وسهل الفتح، وأتمنى من التجار أن يهتموا بنظافة المخزن ونظافة التلميح؛ لأنها الأساس فى صناعة الفسيخ، وأتمنى أن يتقوا الله فى صناعتهم للفسيخ وعدم المخاطرة بحياة الناس ومن يشترون». مضيفًا أنه يقبل عليهم الكثير من المشاهير والفنانين ولاعبى الكرة سواء من أبناء محافظة الدقهلية أو من خارجها الذين يأتون خصيصًا لهم، وأصبحوا أصدقاءهم على المستوى الشخصى، منوهًا بأن الإعلامى عمرو أديب هو أهم زبائنه والذى أثنى على الفسيخ الذى يصنعه.

عضو مجلس الشيوخ، النائب مهندس رضا الشافعى، قال إن المدينة دائمًا تشهد توافد أهالى القاهرة والمنصورة وكافة المحافظات لشراء المنتج المميز، حتى إنه يتم تصديره للبلدان العربية ويتم تغليفه وتعبئته. وفى موسم شم النسيم، يقف الزبائن فى طوابير طويلة لشراء الفسيخ، ولا يكتفى الأهالى بشراء حاجتهم فقط، لكن الجميع يسعى لشراء كميات كبيرة بغرض إهدائها للأهل والأقارب والأصدقاء وللمعارف خارج مصر.

وعقب حسين الغلبان، صاحب أقدم محل فسيخ بمدينة «نبروه»، وهو محل الغلبان، بأن الطلب على الفسيخ يشهد إقبالًا فى أكثر من موسم على مدار العام مثل موسم عيد الفطر ووقفة العيد الكبير وقبل يومين أو ثلاثة قبل رمضان، إلا أن الموسم الأكبر هو موسم شم النسيم، حيث يخرج من مدينة نبروه ما لا يقل عن 800 طن من الفسيخ، مشيرًا إلى أن محلات الغلبان من أقدم محلات إنتاج الفسيخ، قائلًا: «كان جدى الأكبر، محترفًا ببراعة فى صناعة الفسيخ، ويخرج من لديه منتج ممتاز، والمحل الكبير يعتبر أثريًا حيث تم إنشاؤه من عام 1962، وعقب ذلك أنشأنا أكثر من فرع للعائلة، ويعمل إخوانى جميعهم بالمهنة، ولدينا فرع بالقاهرة، ونتطلع إلى فتح محلات عديدة قريبًا بباقى المحافظات، كما أننا نصدر كميات كبيرة لبعض الدول العربية مثل الكويت والإمارات، ويقسم الفسيخ إلى المالح وقليل الملوحة، وغالبية العملاء يفضلون السمك قليل الملوحة بسبب مرضى الضغط».

وواصل «الغلبان» حديثه قائلًا: «والدى عمره تسعون عامًا ومازال يعمل ويدير محله لأن هذه المهنة هى مهنتنا أبا عن جد، وأبنائى طلاب جامعة ويعملون معنا، وسر شهرة صناعتنا هو النظافة والجودة، ولأننا نعرف طلب الزبون تحديدًا، وأعطيه ما يريده».

وعن كيفية تصنيع الفسيخ، أوضح «الغلبان» أن الفسيخ بشكل عام يُصنع من ثلاثة أنواع رئيسية من الأسماك، هي: البورى برأسه الكبير، والسهيلى الذى يشبه البورى ولكن برأس أصغر، والطوبارة وهو البورى ذو الرأس الرفيع، ولابد أن يكون السمك طازجًا، ولا يصلح معه السمك المجمد أو المنتفخ.

وللتعمق فى صناعة الفسيخ، قال شريف اليمانى، صاحب سلسلة محلات اليمانى للأسماك المملحة فى مدينة «نبروه»، إن الحاج إيهاب اليمانى، شقيقه الأكبر، كان على علاقة طيبة بالناس كافة، وكان يشتهر بالسمعة الطيبة، وأنه يشارك فيه هو وأشقاؤه عبد الله وأحمد وإيهاب، شقيقه الأكبر الذى توفى وترك السمعة الطيبة، مشيرًا إلى أن زبائن محلات اليمانى من المشاهير، سواء من نجوم الكرة والفن، الذين يأخذون كميات كبيرة من الفسيخ والسردين والأنشوجة لهم ولأصدقائهم، خاصة فى هذه الأيام ومع اقتراب الأعياد وشم النسيم، وذلك لأن النظافة والأمانة هما سر شهرتهم فى بيع الفسيخ. حيث يقومون بشراء السمك النظيف والطازج فى التمليح من دمياط وبحيرة المنزلة، ويبتعدون عن شراء السمك من المناطق ذات السمعة السيئة، منوهًا بأنهم لهم نظرة فى السمك الذى يقومون بشرائه، سواء بورى أو طوبارة.

وعن معايير اختيارهم للسمك الذى يقومون بتمليحه، أضاف «اليمانى» قائلًا: «يجب أن يكون السمك نظيفًا ورأسه حمراء، والسمكة ليست هزيلة، ونقدم فسيخًا صحيًا، فالاهتمام بالنظافة الكاملة واتباع قواعد وأصول المهنة والالتزام بالتعليمات الصحية سر نجاح وشهرة مدينة نبروه فى صناعة الفسيخ، حيث نقوم بغسل السمك جيدًا بالماء مع التأكد من تنظيف الخياشيم تمامًا. ونحن نستخدم البراميل الخشبية لتصنيع الفسيخ، لأن البلاستيك غير صحى، ولا نعلم من أى مادة تم تصنيعه، ولا نعلم ما المادة التى كانت مخزنة به سابقًا، ولأن والدى رحمة الله عليه كان يصنع الفسيخ، فتعلمنا منه وورثنا الصناعة وورثناها لأبنائنا، لتعتبر صناعتنا للفسيخ هى مهنة آبائنا وأجدادنا. وتجارة الفسيخ تزدهر مع موسم اصطياد السمك البورى، وذلك بداية من شهر ديسمبر حتى مارس، لأن السمك يكون مبطرخًا وسليمًا، ومدينة «نبروه» تحديدا يأكلون الفسيخ طوال العام وليس فى المواسم فقط، كما أن الأسعار فى «نبروه» تشتهر بأنها أسعار متميزة، فمثلًا أغلى كيلو فسيخ هنا سعره 350 جنيها، ويكون الكيلو سمكة واحدة، ويأتى لنا العملاء من كل مكان، ويكفينا الربح البسيط، مع العلم أن السمك سعره ارتفع عن العام السابق، حيث أن سوقنا أصبح ممتدًا إلى البلدان العربية، فالمصريون علموا العرب والأجانب أكل الفسيخ، حتى إن لدينا سوقًا فى أوروبا».

وفى ذات السياق، قالت الكاتبة الصحفية ومدير مكتب جريدة الأهرام بمحافظة الدقهلية، رشا النجار، إن التجار عادة يلجأون إلى رفع أسعار السمك فى هذا الوقت من كل عام، وخاصة البورى، للبحث عن المكسب، لأن التجار يستعينون بعدد عمال أكثر من المعتاد فى هذه الفترة، لأن هذا موسم كبير يزيد فيه الإقبال على الشراء، فلابد أن يزيد الإقبال على تمليح السمك بطريقة صحيحة فى وقت قليل. ومما لا شك فيه أن المزارع السمكية التى افتتحها الرئيس السيسى تساعد فى توفير كميات من الأسماك بالسوق، علاوة على تصدير الأسماك للخارج. وأنه كعادة كل عام نقوم بشراء الفسيخ من مدينة نبروه وبكميات كبيرة لنهدى به الأصدقاء والأحباب الذين يقطنون فى محافظات أخرى أو فى القاهرة، لأن فسيخ نبروه لا ينافسه أى فسيخ فى أى محافظة أخرى.

رجل الأعمال محمد نور قال إن يوم شم النسيم يعتبر يومًا مميزًا بالنسبة للأسرة، حيث يتجمع جميع أفراد الأسرة حول وجبة الرنجة والسردين والفسيخ وباقى أفراد العائلة، ثم يخرجون لقضاء باقى اليوم فى النادى بعد غداء عائلى يضم كافة أنواع الأسماك «أنشوجة ورنجة وفسيخ نبراوى بالطبع». لافتًا إلى اعتيادهم على شراء الفسيخ من مدينة «نبروه» حيث النظافة وجودة الطعم، خاصة شارع 6 أكتوبر بمدينة «نبروه» الذى يشتهر بصناعة الفسيخ، ويوجد هناك أكثر من 12 محلًا، ونفس الحال بشارع الجمهورية بمدينة نبروه، الذى يقع به أيضًا أكثر من 15 محلًا، ولا يوجد شارع فى «نبروه» خالٍ من مصانع ومحال الفسيخ، لتعتبر تلك المهنة الأشهر التى توارثها الأبناء من أجدادهم منذ أكثر من مائة عام.

الكابتن محمد مسعد إبراهيم، إخصائى التأهيل الحركى ومعالج الإصابات الرياضية بالمنصورة، قال إنه يزور مدينة «نبروه» كل عام فى أعياد الربيع لشراء كميات من الفسيخ لأسرته، وأيضًا لإهداء الأهل والأحباب، مؤكدًا أنه بالرغم من ارتفاع الأسعار، إلا أن نبروه ستظل هى مصنع الفسيخ، وأصبحت عادة سنوية بالنسبة له ولأسرته زيارة «نبروه» وشراء الفسيخ. ومهما زادت أسعار الفسيخ فى «نبروه»، إلا أنها أسعار قليلة جدًا مقارنة بأسعار الفسيخ فى باقى المدن والمحافظات.

وأضاف «إبراهيم» أن الفسيخ من مدينة «نبروه» شبيه بالزبدة، خاصة وهو قليل الملح، منوهًا بأنه لا يشعر بعيد شم النسيم كل عام إلا إذا ذهب إلى مدينة «نبروه» لشراء الفسيخ له ولأسرته بالكامل، حيث إنها عادة منذ الصغر عندما كانت والدته تأتى لهم بالفسيخ فى كل عيد شم نسيم، وكانت السعادة تغمرهم، ويتمسكون بهذه العادة السنوية مع اقتراب أعياد الربيع.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة