رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الإعلامى القدير أحمد سمير.. رائد مدرسة تحليل الخبر


25-12-2025 | 17:31

.

طباعة
بقلم: أحمد النبوى

ماسبيرو الاسم الأشهر للتليفزيون المصرى منذ بداية الانطلاق عام 1960

وكان أول تليفزيون فى الشرق الأوسط وإفريقيا وكان حقًا صندوقًا سحريًا لكل المصريين والعرب ولم يتوقف الأمر عند السحر لكن تخطى الحدود والبحار والمحيطات وكان بداخل كل بيت عربى، وتربت أجيال كثيرة وتثقفت بسببه، لذا لم يكن من العجيب أن تكون الثقافة المصرية واللهجة المصرية منتشرة فى كل الدول العربية، فماسبيرو كان من أهم عناصر القوة الناعمة المصرية لعقود طويلة ولا تتعجب عندما كان الجميع يطلق عليه التليفزيون العربى، فهو كان لكل العرب وليس للمصريين فقط.

 

لذلك ما زلنا نقول الفيلم العربى والمسلسل العربى ليس لشيء، إلا أننا تعودنا على ذلك من صغرنا وأصبح جزءًا من الموروث الثقافى عند العرب بأكملهم، حتى بعد التطور المذهل فى الإعلام والفضائيات ظل ماسبيرو صاحب الريادة الإعلامية بالمنطقة لسنوات طويلة بلا منافس، حتى عندما بدأت المنافسة كان المقياس هو تكرار نموذج ماسبيرو بمذيعين مصريين وبالفن المصرى وبمشايخ مصر وغيرهم، حتى مع ظهور الفضائيات كانت قائمة على الإعلاميين والعاملين المصريين، وأيضًا داخل مصر، وعندما بدأت بعض الدول التوسع فى القنوات الفضائية بعد التطور التكنولوجى الذى ظهر فى العالم تم اللجوء إلى التجربة اللبنانية فى الإعلام ليس حبًا بها، ولكن للخروج من عباءة احتكار الإعلام المصرى لفكرهم، وهذا حقهم، ورغم مرور سنوات على تلك التجارب إلا أنها لم تستطع أن تجارى الريادة المصرية فى مجالات كثيرة، فاتجهت بعض الدول لإنشاء فضائيات تهتم بالأخبار فقط من أجل استخدامها سياسيًا وأخرى للرياضة ودفع مبالغ طائلة للاستحواذ على البطولات العالمية التى يهتم بها المشجعون بالمنطقة.

ومن حقك عزيزى القارئ أن تسأل هل أتحدث هنا عن الحال الذى وصل إليه مبنى ماسبيرو والمشاكل الداخلية التى تحاصره أكثر من القنوات المنافسة العربية؟

والحقيقة أننى أكتب اليوم فى ذكرى مرور 30 عامًا على رحيل قامة إعلامية كبيرة تعلمنا جميعًا منه بقصد أو بدون قصد، وهو الإعلامى الكبير الراحل أحمد سمير أحد رواد التليفزيون المصرى صاحب الصوت الرخيم العذب والثقافة الواسعة وصاحب شخصية وبصمة لكل المشاهدين فى الوطن العربى ورائد مدرسة تحليل الأخبار، وأنا شخصيًا ارتبطت به مع برنامجه الرائع نهاية الأسبوع، وأدعى أن هذا البرنامج فتح مداركى على معلومات لم تكن متاحة لى فى ذلك الوقت، فنحن لم نكن نملك مصدرًا للثقافة سوى القراءة أو التليفزيون، ورغم أن نشرات الأخبار لا تستحوذ على اهتمام كبير من المشاهدين مثل المسلسلات والأفلام والكارتون والمباريات، إلا أن الإعلامى أحمد سمير استطاع بأسلوبه البديع أن يجذب انتباه المشاهد لنشرات الأخبار، وأتذكر جيدًا أن مواعيد نشرات الأخبار فى التليفزيون مقدسة كما كانت نشرة التاسعة مساء طويلة، وأعتقد أن القائمين على الإعلام فى ذلك الوقت كانوا على علم بهذا ومنهم الإعلامى أحمد سمير الرائد فى المجال، فهو صاحب برنامج «أنباء الصحافة» الذى كان أول برنامج إخبارى للتعليق على الصحف، وهو النموذج المستمر فى الإعلام حتى الآن.

للآسف الشديد هناك نقص فى المعلومات عن الإعلامى الراحل أحمد سمير رغم وجود بعض حلقات من برامجه وأعماله على اليوتيوب، ورغم ذلك عندى بعض المواقف عنه نظرًا لعلاقة الصداقة والأخوة التى تربطنى بالمخرج شريف أحمد سمير منذ أواخر التسعينيات، وما زالت ممتدة، فقد عملنا معًا على مدار أكثر من 28 عامًا فى برامج كثيرة وفى قنوات متعددة، كما تشرفت بالعمل مع الإعلامية الجميلة القديرة سهير شلبى، سواء فى برامج معها كمعد أو تحت رئاستها للقناة، وأذكر هذا كتمهيد للمواقف التى سوف أحكيها، كنا نعمل فى برنامج ماسبيرو بالقناة الأولى للإعلامية الكبيرة شافكى المنيرى، وكان شريف المخرج وكان رئيس التحرير الكاتب الصحفى الجميل محمد الشبة، وكنت أنا مجرد معد فى بداية حياته العملية بماسبيرو، وكانت هناك حفلة ليالى التليفزيون ويحييها النجم الكبير كاظم الساهر وكان فى أوج نجوميته وتألقه، وعلمت أنا وشريف وجود الفنان فى الاستديو لإجراء بروفة وتوجهنا إليه فى محاولة بائسة أن نحصل منه على تصريح خاص للبرنامج، ومهد لنا أصدقاؤنا فى إخراج الاحتفال من مقابلة الفنان الكبير، وقدمنا له أنفسنا وعندما سمع اسم شريف أحمد سمير قال له مسرعًا أنت ابن الأستاذ؟، وهنا تغيرت نبرة صوت كاظم بالود الشديد وقال لشريف، أنا تحت أمرك فى أى شيء، لأن الإعلامى الكبير الراحل صاحب فضل كبير علىِّ، فهو أول من اكتشفنى وقدمنى للجمهور المصرى فى حفلات التليفزيون ومنها انطلقت شهرتى عربيًا بعد أن كنت معروفًا فقط فى العراق، وتحدث طويلاً عن الإعلامى الراحل وكيف كان يشجعه ويدعمه للظهور فى حفلات التليفزيون، رغم أنه مطرب مجهول للشعب المصرى وأنه كان يساعده خلال إقامته بمصر قبل الشهرة؛ هذا الموقف لن تجده على مواقع البحث الاجتماعى أو فى مواقع صحفية ولكننى شاهد عليه والفنان الكبير ما زال حيًا يرزق؛ والإعلامى الكبير أحمد سمير لم يكن مجرد قارئ نشرة متميز أو مقدم برامج صاحب حضور طاغٍ ومثقف فقط، بل كان يحمل جينات الفن، فرغم أنه خريج كلية تجارة وبدأ حياته العملية محاسبًا فى جريدة الجمهورية إلا أن شغفه بالإعلام دفعه للحصول على دراسات عليا فى الإعلام والتمثيل والإلقاء وفن التليفزيون والتقدم لمسابقة المذيعين بالتليفزيون المصرى التى نجح فيها، وكان الأول على 2500 متقدم ليلتحق بالتليفزيون أوائل عام 1963 مذيعًا للنشرات الإخبارية، ولم ينس عشقه للفن، فقد شارك بالتمثيل فى ثلاث مسرحيات هى «الزلزال»، و«المصيدة»، و«ثلاثة مجانين عقلاء».

كما كتب للسينما قصة وسيناريو وحوار أفلام «الحناكيش»، و«الكماشة»، وكتب للتليفزيون مسلسلى «الهروب إلى المجهول» و«عصر الخانكة»، وله روايتان هما «لن يضيع الغد يا حبيبي» و«عصر الضحايا»، وللعلم ترك التمثيل بسبب التركيز فى الإعلام، وهنا أذكر حديث الإعلامية الكبيرة زينب سويدان رئيسة التليفزيون سابقًا عندما كانت رئيسة القناة الأولى وهى تحكى لنا (شريف وأنا والمخرجة الكبيرة الآن نهى السعيد) عن أول ظهور لها على الشاشة فى نشرات الأخبار وأن حظها كان مع الإعلامى الكبير الراحل أحمد سمير، وهو الأمر الذى جعل خوفها يتزايد نظرًا للفارق الكبير وخبرته الطويلة، وأن الكل سوف يجعلها فى مقارنة ظالمة معه، وقالت إن الأستاذ أحمد لاحظ توترها والقلق عليها وأنه قام بدعمها وتشجيعها بشكل كبير وودود، وكان دائم النصح لها وأنه صاحب فضل كبير عليها، وتعلّمت منه الكثير.

ومن أشهر البيانات التى ارتبطت بالإعلامى الكبير الراحل أنه من أذاع بيان 67، ثم بيان وفاة الرئيس جمال عبدالناصر، ومرت الأيام ليصر على إذاعة بيان النصر فى حرب 73.

 

أخبار الساعة