تحل ذكرى ميلاد الفنانة اللبنانية الكبيرة نور الهدى، إحدى الأصوات النسائية الاستثنائية التي جمعت بين الطرب الأصيل والموهبة التمثيلية، ونجحت في أن تحجز لنفسها مكانة مميزة في السينما والغناء العربي خلال أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، بصوتها القوي وأدائها المتمكن، أصبحت نور الهدى جسرًا فنيًا بين لبنان ومصر، واستحقت عن جدارة لقب «أم كلثوم لبنان».
وُلدت نور الهدى، واسمها الحقيقي ألكسندرا نقولا بدران، في 24 ديسمبر عام 1924 بمدينة مرسين في تركيا، ونشأت في أسرة اهتمت بالفن ودعمت موهبتها منذ الصغر.
اكتشف والدها جمال صوتها مبكرًا، فشجعها على الغناء في المدرسة والمناسبات الخاصة، حيث لفتت الأنظار بقدرتها اللافتة على أداء الموشحات، وتأثرها الواضح بالمقامات الشرقية والطقوس الدينية ذات النغم الموسيقي.
شكلت سنة 1942 نقطة التحول الأهم في حياتها الفنية، حين استمع إليها الفنان يوسف وهبي خلال جولة فنية في بلاد الشام، فأُعجب بصوتها واختار لها اسم «نور الهدى»، وطلب منها القدوم إلى مصر، هناك بدأت مسيرتها السينمائية من خلال فيلم «جوهرة»، لتدخل بعدها عالم النجومية بسرعة لافتة.
شاركت نور الهدى في عدد كبير من الأفلام التي تنوعت بين الرومانسي والاستعراضي والغنائي، من أبرزها «برلنتي»، «أميرة الأحلام»، «لست ملاكًا»، «مجد ودموع»، «غرام راقصة»، «الشرف غالي»، و«حكم الزمان».
كما تعاونت مع كبار نجوم الموسيقى والغناء مثل فريد الأطرش، محمد عبد الوهاب، ومحمد فوزي، وحققت نجاحًا جماهيريًا واسعًا.
عرفت نور الهدى حضورًا اجتماعيًا لافتًا في مصر، حيث تعرفت على الملك فاروق والنحاس باشا، وغنت في مناسبات رسمية، من بينها حفل بالسفارة السورية بالقاهرة.
وفي مطلع الخمسينيات، فضلت الابتعاد عن الأضواء واعتزلت الفن، وعادت إلى لبنان، لكنها ظلت حاضرة في الذاكرة الفنية، تحكي في لقاءاتها القليلة عن تجربتها الثرية.
رحلت نور الهدى في 9 يوليو عام 1998، لتبقى واحدة من الأصوات النسائية الخالدة التي جمعت بين أصالة الطرب وسحر الحضور، وكتبت اسمها بحروف من نور في تاريخ الفن العربي.