تزداد مع بداية العام الدراسي، المشكلات التي قد يواجهها الأطفال في فترة الدراسة، خاصة فيما يتعلق بصحة العيون، من بين هذه المشكلات، تبرز مشاكل النظر التي قد تؤثر على قدرة الأطفال على التركيز في الفصل الدراسي وأدائهم الدراسى، وفي الحقيقة، تؤثر مشكلات النظر بشكل كبير على حياة الأطفال التعليمية والاجتماعية، ولذلك يجب على الأهل متابعة صحة عيون أطفالهم منذ سن مبكرة، بالفحص المبكر، والوقاية، والتغذية السليمة، ومع تزايد استخدام الأطفال للأجهزة الإلكترونية في التعليم، أصبح الاهتمام بصحة عيون الأطفال أمرًا بالغ الأهمية. لهذا كله كان لنا هذا الحوار مع الدكتور محمود سعودى، استشاري جراحة وأمراض العيون، والذي نستعرض معه أبرز مشكلات النظر التي قد يعاني منها الأطفال مع بداية العام الدراسي والحلول وطرق الوقاية.
بداية، هل تؤثر مشكلات النظر على أداء الأطفال الدراسي؟
بالطبع، مشكلات النظر تؤثر بشكل كبير على قدرة الطفل على التركيز في الفصل الدراسي، فعندما يعاني الطفل من مشكلات مثل: قصر النظر أو طول النظر أو الاستجماتيزم، يصبح من الصعب عليه رؤية اللوحة المدرسية أو الكتاب بوضوح، مما يعوق قدرته على متابعة الدروس، في حال كانت المشكلة أكبر مثل: قصر النظر الشديد أو الاستجماتيزم، قد يظهر ذلك في شكل تراجع ملحوظ في التحصيل الدراسي، حيث يعاني الطفل من صعوبة في القراءة أو الكتابة.
- ما أبرز مشكلات النظر التي تظهر عادةً لدى الأطفال مع بداية العام الدراسي؟
المشاكل الأكثر شيوعا هي قصر النظر (الميوبيا)، حيث يكون الطفل قادرًا على رؤية الأشياء القريبة بوضوح لكن لا يرى الأشياء البعيدة بشكل جيد، هذه الحالة قد تتفاقم مع التقدم في السن، وتزداد عندما يبدأ الطفل في استخدام عينيه بشكل أكبر في القراءة أو استخدام الأجهزة الإلكترونية.
هناك أيضا طول النظر (الهيبروبي)، وهي حالة يكون فيها الطفل قادرًا على رؤية الأشياء البعيدة بوضوح، لكن يعاني من صعوبة في رؤية الأشياء القريبة مثل الكتاب المدرسي أو الأوراق.
أما الاستجماتيزم فيحدث عندما تكون قرنية العين أو العدسة غير منتظمة الشكل، مما يؤدي إلى تشويش الرؤية سواء عن قرب أو بعد، هذه المشكلات عادةً ما تظهر مع بداية دخول الطفل المدرسة، حيث يبدأ استخدام العينين بشكل متكرر للقراءة والكتابة.
- كيف يمكن للأهل أن يلاحظوا إذا كان طفلهم يعاني من مشكلة في النظر.. هل هناك علامات تحذيرية؟
هناك عدة علامات يمكن أن تشير إلى وجود مشكلة في الرؤية، من أبرزها الشكوى من الصداع المستمر، خاصة بعد القراءة أو الجلوس أمام الشاشات لفترة طويلة، والفرك المتكرر للعينين أو الاحمرار، وهو دليل على الإجهاد البصري والجلوس بالقرب من التلفزيون أو الكتاب، أو الميل للتقرب من اللوحة المدرسية في الفصل وصعوبة في التركيز أو التشتت بسهولة أثناء الدروس أو الأنشطة التي تتطلب الرؤية الدقيقة والانعزال عن الأنشطة البصرية مثل القراءة أو الكتابة، وإذا لاحظ الأهل هذه الأعراض، فمن الضروري أن يتوجهوا إلى طبيب العيون فورًا لإجراء فحص شامل.
- هل الفحص المبكر ضروري.. ومتى يجب أن يبدأ؟
الفحص المبكر ضروري جدًا، من الأفضل أن يبدأ الفحص في سن 3 سنوات على الأقل، حتى إذا لم تظهر أي أعراض، هذا الفحص يساعد في اكتشاف المشكلات في مراحلها المبكرة، مما يسمح بالعلاج بشكل أسرع، في حال عدم اكتشاف أي مشكلة في تلك السن، يفضل أن يخضع الطفل لفحص دوري كل عام أو عامين حسب الحاجة، هذا الفحص مهم لأنه يساعد في الكشف عن مشكلات قد تكون غير مرئية في البداية.
- ما الإجراءات الوقائية التي يمكن أن يتبعها الأهل للحفاظ على صحة عيون الأطفال؟
الوقاية تبدأ من الاهتمام بالفحص المبكر، كما ذكرت، بعد ذلك، هناك عدة خطوات بسيطة يمكن اتخاذها:
- مراقبة وقت الشاشة: يجب على الأهل تحديد الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الأجهزة الإلكترونية مثل الهاتف، أو الكمبيوتر، أو التلفزيون. يفضل أن يكون الوقت المحدد لهذه الأنشطة بين 30 إلى 60 دقيقة فقط، مع أخذ فترات راحة منتظمة.
- إضاءة جيدة: تأكد من أن الطفل يدرس أو يقرأ في إضاءة جيدة، حيث إن الإضاءة الخافتة قد تؤدي إلى إجهاد العينين.
- ممارسة الأنشطة الخارجية: من المهم أن يشجع الأهل الأطفال على ممارسة الأنشطة الخارجية مثل: الجري أو اللعب في الهواء الطلق، حيث تساعد هذه الأنشطة في تطوير التركيز البصري على الأشياء البعيدة.
- الراحة البصرية: يجب على الطفل أخذ فترات راحة كل 20 دقيقة، والنظر إلى شيء بعيد عن 20 قدمًا لمدة 20 ثانية. هذه القاعدة تعرف بـ قاعدة 20-20-20.
- ماذا عن علاج مشكلات النظر.. هل توجد طرق فعالة لتصحيح الرؤية لدى الأطفال؟
نعم، هناك العديد من الخيارات العلاجية المتاحة. إذا كانت المشكلة تتعلق بـ قصر النظر أو طول النظر، فإن الحل الأكثر شيوعًا هو النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة، هذه الوسائل تساعد في تصحيح انكسار الضوء وتقديم رؤية أفضل في بعض الحالات، عندما تكون المشكلة أكبر مثل قصر النظر الشديد، يمكن اللجوء إلى جراحة تصحح انكسار الضوء في العين.
أما بالنسبة لـ الاستجماتيزم، فيمكن معالجته باستخدام نظارات خاصة أو عدسات لاصقة، إذا كانت الحالة شديدة أو لا تستجيب للعدسات أو النظارات، قد يتم اللجوء إلى الجراحة لتصحيح انحناء القرنية.
- ما الأطعمة التي يمكن أن يتناولها الأطفال للحفاظ على صحة عيونهم؟
التغذية لها دور كبير في صحة العينين، الأطعمة الغنية بـ فيتامين A مثل الجزر، السبانخ، والبطاطا الحلوة تعتبر من أهم العناصر لصحة العينين، أيضا، فيتامين C الموجود في الفواكه الحمضية يساعد في تقوية الأوعية الدموية في العين ويحميها من الالتهابات.
أما الأحماض الدهنية أوميغا3، الموجودة في الأسماك الدهنية مثل السلمون، فهي تحسن من وظيفة العين وتقلل من خطر الإصابة بجفاف العين، يجب أيضا تناول الخضراوات الورقية مثل: البروكلي، الذي يحتوي على اللوتين، وهو مركب يساعد في الحفاظ على صحة الشبكية.
- هل هناك علاقة بين التعرض للأضواء الزرقاء من الشاشات وضرر العينين؟
نعم، الأضواء الزرقاء الصادرة عن الشاشات يمكن أن تؤدي إلى إجهاد العين وجفاف العين، كما أن التعرض الطويل لهذه الأضواء قد يؤثر على النوم بسبب تأثيرها على إنتاج هرمون الميلاتونين، لتجنب هذه التأثيرات، يمكن للأطفال ارتداء نظارات مضادة للأشعة الزرقاء أثناء استخدام الشاشات، أو استخدام تطبيقات لتصفية الضوء الأزرق في الأجهزة الإلكترونية.
- في النهاية، ما النصيحة الذهبية التي تقدمها للأهالي للحفاظ على صحة عيون أطفالهم؟
النصيحة الأهم الوقاية خير من العلاج، الفحص المبكر لاكتشاف أي مشكلة في الرؤية في مراحلها الأولى يمكن أن يمنع الكثير من المشكلات المستقبلية، كما يجب على الأهل توعية الأطفال بأهمية الراحة البصرية، وتحديد وقت استخدام الأجهزة الإلكترونية، وتشجيعهم على النشاط البدني في الهواء الطلق، أخيرًا، التغذية السليمة تلعب دورا كبيرًا في تحسين صحة العينين، لذلك يجب الاهتمام بتقديم الأطعمة الصحية التي تعزز من صحة العين بشكل عام.