كشفت القوات المسلحة المصرية فى فيديو، نشره المتحدث العسكرى على صفحات منصات التواصل الاجتماعي، عن تنفيذ التدريب «المصرى - الأمريكى» المشترك «النجم الساطع 2025»، فى نسخته الـ19 على أرض مصر، وهو من أهم وأبرز التدريبات العسكرية فى الشرق الأوسط، وذلك خلال الفترة من 28 أغسطس وحتى 10 سبتمبر 2025.
يشارك فى تدريب «النجم الساطع 2025» 43 دولة، منها 13 دولة بصفة مشارك بأكثر من 7900 مقاتل، و30 دولة بصفة مراقب، وتتجلى أرقى صور التدريب العسكرى خلال فعاليات التدريب المشترك النجم الساطع، نظرا لكبر حجم القوات المشاركة كمًّا وكيفًا.
وأوضح اللواء سمير فرج، الخبير العسكرى والاستراتيجي، أن «التدريب المشترك يساهم فى زيادة معرفة القوات المسلحة المصرية بأنواع جديدة من المنظومات التسليحية والتى تستخدمها الدول المشاركة لأول مرة، وكذلك التعرف عن قرب على تكتيكات الدول المشاركة، وخاصة تلك التى تختلف مع التكتيكات المصرية، وبالأخص تكتيكات القتال التى تتبعها الدول الغربية، وذلك نظرا لاتباع إسرائيل نفس التكتيكات الغربية، الأمر الذى يوفر للقوات المسلحة المصرية إمكانية معرفة الطبيعة القتالية للعدو.
«فرج»، أضاف أن «المشاركة فى تدريبات النجم الساطع تبعث برسالة تأكيد، مفادها أن التعاون الاستراتيجى المصرى - الأمريكى لا يزال قائما ولم يتأثر، وأن الولايات المتحدة لم تفقد استراتيجيتها وتحالفها الاستراتيجى مع مصر»، مشيرًا إلى أن «القوات المسلحة المصرية تستعرض أمام العالم أجمع قدراتها على مستوى البنية العسكرية، وخاصة قاعدة محمد نجيب العسكرية التى ستستضيف فعاليات التدريب المشترك باعتبارها القاعدة العسكرية الأكبر فى المنطقة، والتى سوف تستوعب كافة القوات المشاركة فى تدريب النجم الساطع 2025 من الدول المختلفة».
وأكد أن «مشاركة القوات المسلحة المصرية فى مثل هذا النوع من التدريبات المشتركة مع دول العالم المختلفة أمر مهم ينعكس بصورة مباشرة على الروح المعنوية للضباط وضباط الصف والجنود المصريين المشاركين فى هذا الحدث العالمى، خاصة عندما يلمس الجندى المصرى أنه على نفس مستوى قتال القوات الأجنبية للدول الأوروبية والآسيوية والإفريقية المشاركة»، كاشفًا أن «النسخ السابقة من التدريب المشترك شهدت تفوقا للفرق المصرية فى بعض التخصصات كالدبابات على مثيلاتها من الجيوش الأخرى، بمن فيهم الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذى يعطى ثقة بالنفس للقوات المصرية وثقة فى تسليحهم».
ولفت «فرج»، إلى أن «أهم المعايير التى يتم اختيار الدول المشاركة فى التدريب المشترك النجم الساطع عندما يُقام على أرض مصر -هو ألا تكون هناك أزمات سياسية بينها وبين مصر، كما هو الحال مع إسرائيل، التى لا تشارك فى تدريبات عسكرية مشتركة مصرية».
وأضاف، أن «الدول المشاركة دائما ما تسعى للانضمام للتدريبات العسكرية مع الجيش المصرى نظرا للخبرات العسكرية القتالية الكبيرة، فمصر لديها خبرة قتال حرب السادس من أكتوبر عام 1973 والتى ما زالت تدرس إلى الآن فى أكبر المعاهد العسكرية العالمية، فضلا عن توفر خبرة القتال ضد العناصر الإرهابية، والتى اكتسبها الجيش المصرى مؤخرا بعد نجاحه فى القضاء على العناصر الإرهابية فى شمال سيناء، والذى كان نجاحا باهرا».
وأوضح اللواء طيار د. هشام الحلبى، مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن «تدريب النجم الساطع هو تدريب مشترك له تاريخ طويل الأمد، وإلى اليوم يستمر هذا التدريب مع وجود حالة من الإصرار والتنامى من قِبل الدول الراغبة فى المشاركة، والنسخة الحالية هى النسخة الـ19 والتى تضم 43 دولة مشاركة، فى الوقت الذى شهدت فيه النسخة السابقة مشاركة 34 دولة».
«الحلبى»، أشار إلى أن «التدريبات المشتركة تعد من أهم مجالات التعاون العسكرى، حيث تبرز أهمية التدريبات المشتركة فى نقل خبرات قتالية كبيرة جدا للأطراف المشاركة فى التدريب، كما يعد تدريب النجم الساطع فرصة كبيرة لتبادل الخبرات بين مصر وبين الدول ذات الثقل العسكرى، خاصة أن من بين الدول المشاركة دولًا مصنّعة للسلاح وتمتلك تقنيات سلاح مختلفة عن التى يمتلكها الجيش المصرى، فيعتبر بمثابة تدريب عملى للتعرف على هذه الأنواع من الأسلحة المتطورة».
وشدد على أن «تدريب النجم الساطع يساهم فى تعزيز ثقل مصر الإقليمى كدولة محورية فى المنطقة، فلا تُقدم جيوش 43 دولة على مستوى العالم للمشاركة فى تدريب مشترك يُقام على أرض دولة بحجم مصر، إلا إن كان لديهم ثقة كبيرة فى هذه الدولة محل إقامة التدريب، كما أن التدريبات المشتركة تنم عن علاقات سياسية جيدة بين الدول المشاركة، فليس من الممكن أن تشارك دول فى تدريبات مشتركة فى ظل علاقات متوترة».
وحول معايير اختيار الدول المشاركة فى هذا النوع من التدريبات، أكد «الحلبى» أنه «لا بد أن تكون الدول المشاركة لديها سلاح يناسب فعاليات المناورة. وبالنظر لأسماء وحجم الدول المشاركة، فإن غالبية الأنظمة التسليحية ستكون أحدث ما توصلت إليه ترسانة الأسلحة على مستوى العالم، لذلك نجد أن هناك بعض الدول تشارك فى التدريب المشترك بصفة مراقب، بما يعنى أن تلك الدول لا تشارك بسلاح أو قوات، ولكنها تقوم بمتابعة وتقييم التدريبات خلال مراحله المختلفة، ثم يعودون إلى دولهم من أجل تجهيز قواتهم المسلحة للمشاركة فى نسخ مقبلة من النجم الساطع».
وأوضح أن بعض الدول المشاركة فى مناورات النجم الساطع تحرص على مشاركة منظومات تسليحية جديدة تسدل عنها الستار لأول مرة خلال فعاليات التدريب، ولكن يبقى الأهم من التسليح هو أسلوب القتال والاشتراك بأعداد كبيرة من القوات فى أعمال القتال، وذلك للاستفادة من أساليب القتال المتنوعة، والتعرف على مدارس التكتيك العسكرية عن كثب.
وأشار «الحلبى»، إلى أنه «من ضمن فعاليات التدريب المشترك النجم الساطع، يتم التدريب على أعمال التخطيط والتنظيم للقتال، وكذا قدرة مراكز القيادة والسيطرة على إدارة القوات أثناء المواقف المختلفة، فضلا عن أعمال الإسعاف الطبى والإخلاء»، مضيفا أن «التدريب المشترك النجم الساطع يوفر عملية احتكاك فعلية مع جيوش عدة دول لها العديد من التجارب القتالية فى مسارح عمليات مختلفة، الأمر الذى يعتبر فرصة عملية فعلية من أجل زيادة خبرات القوات على أرض الواقع، كما أنها تعتبر فرصة لاكتشاف نقاط القوة والضعف وأسلوب استخدام التسليح فى المدارس العسكرية المختلفة، الأمر الذى يساهم فى تغيير أساليب القتال المصرية طبقا لما تم الوقوف عليه أثناء عمليات التدريب، وكذا يقوم التدريب المشترك بتعزيز وتحسين أسلوب اختيار التسليح من مختلف دول العالم، حيث يصبح اختيار التسليح مبنيا على أساس مشاهدة واقعية للسلاح على أرض الواقع خلال التدريبات المشتركة».
مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أكد أيضا أن «المؤتمرات التنسيقية التى تسبق تنفيذ التدريب تعتبر مهمة جدا من أجل الوقوف على الضوابط ومحددات التدريب، مع التأكيد على عوامل الأمان والسلامة لضمان حماية الأفراد المشاركين خلال فعاليات التدريب»، مضيفا أن «جميع نسخ التدريب المشترك النجم الساطع الماضية كانت تحقق نجاحا كبيرا وكذا زيادة فى أعداد الدول المشاركة، وهو ما يؤكد ثقة القوات المشتركة فى إجراءات التأمين المستخدمة من قِبل الدولة المصرية فى توفير الإعاشة للقوات الصديقة، وكذا استيعاب الأسلحة والذخائر التى سيتم استخدامها فى فعاليات التدريب، وهو الأمر الذى يتسبب فى زيادة أعداد الدول المشاركة عامًا تلو الآخر».