تعزيزاً للعلاقات التاريخية بين جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان والحرص المتبادل على إكسابها مزيداً من الخصوصية وفتح آفاق جديدة للتعاون السياسي والاقتصادي التنموي والاجتماعي تحقيقاً للمصالح المشتركة وتطلعات شعبي البلدين، وما يتطلبه ذلك من تشاور وتنسيق مستمر بين حكومتي جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان، قام دولة البروفيسور/ كامل الطيب إدريس، رئيس مجلس الوزراء الانتقالي بجمهورية السودان، بزيارة عمل إلى جمهورية مصر العربية، على رأس وفد رفيع المستوى، ضم السادة وزراء الخارجية والثقافة والإعلام والسياحة، تلبية لدعوة كريمة من السيد الدكتور/ مصطفي مدبولي، رئيس مجلس الوزراء بجمهورية مصر العربية.
عقد رئيسا وزراء البلدين جلسة مباحثات رسمية تناولت أطر ومشاريع التعاون بين البلدين الشقيقين في المرحلة المقبلة. كما عقد السادة الوزراء من الجانبين اجتماعات ثنائية لبحث المقترحات والبرامج التفصيلية للتعاون بين الوزارات النظيرة.
وجدد الجانب المصري دعمه الكامل لحكومة السودان، وكافة المساعي الرامية للحفاظ على مؤسساته الوطنية ورفض أي تهديد لوحدة السودان وسلامة أراضيه، والوقوف إلى جانب تطلعات الشعب السوداني في التقدم والازدهار وتحقيق أهدافه في إعادة الإعمار والتنمية.
وجدد الجانب السوداني تقديره للروابط والقواسم المشتركة التي تجمع بين الشعبين الشقيقين، وتطلعه واستعداد الدولة السودانية بمؤسساتها الوطنية المختلفة للعمل المشترك بما يخدم أهداف تعزيز تلك العلاقة والوصول بها إلى آفاق أرحب.
وأكد الجانبان، خلال المباحثات الثنائية، على أهمية النظر في عقد اللجان المشتركة، على أن تقوم الجهات المعنية في البلدين بتحديد التوقيتات المناسبة في هذا الشأن. كما ناقش الجانبان تطوير التعاون في مجال الاستثمار والفرص المتاحة للشركات المصرية للاستثمار في عدد من المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية للسودان، لا سيما مع استشرافه مرحلة إعادة الإعمار.
وثمَّن الجانبان التطور الكبير الذي يشهده التعاون والتنسيق القطاعي بين البلدين لا سيما في قطاعات النقل. كما أشاد الجانبان بالخطوات المتخذة فيما يتعلق بمشاريع ربط السكك الحديدية وكذا الربط الكهربائي بين البلدين، بما يسمح بفتح آفاق أرحب للتعاون الاقتصادي والتجاري بينهما.
كما تطرقت المباحثات إلى التعاون في قطاع الصحة بين البلدين، وأعرب الجانب السوداني عن تطلعه لترقية التعاون في مجال مكافحة الأمراض وزيادة عدد القوافل الطبية المصرية المتخصصة، وتقديم برامج لدعم قدرات الكوادر الصحية السودانية بما يعزز عملية إعمار القطاع الصحي في السودان. كما اتفق الجانبان على قيام الجهات المعنية في البلدين بالتشاور من أجل بلورة مذكرة تفاهم حول تسجيل الدواء المصري في السودان.
واتفق الجانبان على دعم وتعزيز التعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي والتقني بين البلدين، حيث تم الاتفاق على تنشيط التعاون على المستوى الجامعي والدراسات العليا.
وفي مجال تأهيل الكوادر السودانية تمهيداً لمرحلة إعادة الاعمار، اتفق الجانبان على تدشين برامج تدريبية متخصصة للتأهيل المهني والفني للجانب السوداني بالتعاون مع الوكالات المصرية ذات الصلة، وبالإضافة إلى تنشيط أطر التعاون بين الأمانة العامة لمجلس الوزراء السوداني والأمانة العامة لمجلس الوزراء المصري في مجال التنمية البشرية والتطوير الإداري.
كما بحث الجانبان قضايا الأمن الإقليمي وسبل تعزيزه واستدامته، حيث أمن الجانبان على ضرورة استدامة التنسيق والتشاور حول مختلف القضايا المرتبطة بالأمن الإقليمي لا سيما في منطقة البحر الأحمر.
عاود الجانبان رفضهما للنهج الأحادي الاثيوبي على النيل الأزرق الذي لا يتسق مع مبادئ القانون الدولي ذات الصلة، ومع روح التعاون التي يجب أن تسود اتصالاً باستخدام نهر النيل، شريان الحياة لجميع دول الحوض، كما أكدا على تنسيقهما المشترك من خلال الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل وهي الجهة المنوطة بدراسة وصياغة الرأي الموحد للبلدين في الشئون المتعلقة بمياه النيل بموجب اتفاقية عام ١٩٥٩، وقد اتفق البلدان على ضرورة منح الفرصة الكافية للآلية التشاورية لمبادرة حوض النيل لتسوية الخلافات وتعزيز التعاون بين دول الحوض، بما يحافظ على استدامة نهر النيل العظيم، وعلى المصالح المائية لدولتي المصب.
في ختام الزيارة، وجه البروفيسور كامل الطيب إدريس - رئيس مجلس الوزراء الانتقالي - الدعوة إلى شقيقه السيد الدكتور/ مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء بجمهورية مصر العربية، لزيارة السودان والبناء على نتائج هذه الزيارة ومناقشة المزيد من أطر التعاون الثنائي والقضايا الاستراتيجية بين البلدين، حيث وعد السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء بتلبية الدعوة في أقرب وقت ممكن، وجدد الجانبان عزم البلدين الشقيقين على الارتقاء بالتعاون الثنائي بينهما في مختلف المجالات لمستوى التكامل الشامل بما يلبي تطلعات الشعبين الشقيقين في الازدهار والتنمية.