رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الإخوان فى تل أبيب «كل شىء انكشف وبان»


7-8-2025 | 19:17

.

طباعة
بقلـم: طارق أبو السعد

« كل شيء انشكفٍ وبان» إفيه أطلقه الفنان الكبير عبدالمنعم مدبولى فى مسرحية «ريا وسكنية»، لكنه لم يكن مجرد إفيه لأن المصريين جعلوه شعارا وعنوانا لكل سر ينكشف فجأة ويفضح أصحابه، يوم الخميس 31 يوليو 2025 كنا على موعد مع هذا الشعار، فقد تابع الجميع دعوة جماعة الإخوان فى إسرائيل لتنظيم مظاهرة ضد الدولة المصرية فى قلب تل أبيب أمام السفارة المصرية رافعين أعلام إسرائيل (دولة الاحتلال)،

ورغم قناعة المصريين بخيانة الجماعة الإرهابية والتى لا تحتاج لدليل، إلا أن الدليل الذى قدمته الإرهابية بنفسها للشعوب العربية وللصفوة ولكل الطوائف دليل ذهبى لن ينساه التاريخ بسهولة، دليل يؤكد دون أدنى شك عمالة الإخوان الإرهابية للغرب ولإسرائيل، وأنهم مجرد حناجر مؤجرة تعمل لمن يدفع، جماعة تغير قناعاتها كما تغير أحذيتها.

فالجماعة التى تزعم أنها فصيل وطنى حرضت جرذانها الهاربين فى أوروبا لشن حملات لإغلاق السفارات المصرية (وهى رمى للدولة والوطن وليس للنظام) بحجة أن مصر هى التى تغلق المعبر وتمنع دخول المساعدات للفلسطينيين، فى تبجح فريد من نوعه لا أتوقع أن ثمة خائن أو جاسوس لوطنه يقوم بما تقوم به الجماعة الإرهابية ضد مصر، فهذه الحملات على السفارات المصرية وليست الإسرائيلية، تحمل جملة رسائل أولها رسالة للغرب وأمريكا بأن عداءهم ليس لإسرائيل بل لمصر، ثانيا للشعوب الأوروبية أن المتهم الرئيسى فى حصار غزة هى مصر وليست إسرائيل، فتوقفوا عن الضغط على الحكومة الإسرائيلية, ألقوا باللوم على مصر، وفى أضعف الأحوال يستهدفون جعل مصر شريكًا لإسرائيل فيما يعانيه الفلسطينيون فى غزة.

مما زاد من خلق صدمة مربكة ومركبة للمتابعين للمشهد أنه فى الوقت الذى تظاهر فيه الإخوان ضد مصر فى قلب تل أبيب كان الإسرائيليون يتظاهرون ضد نتنياهو لإيقاف الإبادة والمجاعة والمحرقة فى اعتراف إسرائيلى شعبى بمسئولية نتنياهو وحكومته عن حصار الإبرياء فى غزة لا مصر.

سر السبحة والعلم الإسرائيلى

لم يكن أكثر المنددين لدعوة الإخوان الإسرائيليين يتوقع أن ترتفع الأعلام الإسرائيلية فى تلك المظاهرة، وكنا نظن أن العلم الفلسطينى والكوفية الفلسطينية سيكونان سيدا المشهد، باعتبارهما رمز وهوية الفلسطينين، لكنهم رفعوا العلم الإسرائيلى وهم ممسكون بسبحتهم لذا قالها المصريون» كل شيئٍ انكشف وبان».

اختصر مشهد العلم الإسرائيلى وهو يرفرف خلف الشيخ كمال الخطيب والشيخ رائد صلاح وهو ممسك سبحته علينا آلاف الكلمات عن علاقة الإخوان بإسرائيل ودورها الوظيفى فى تفتيت المقاومة أو أى مكاسب للفلسطينيين، هذا المشهد لم يكن عبثيًا مثلما ظهر لنا، بل هو أكثر واقعية من أى مشهد آخر.

فهذا المشهد يفكك السردية الإخوانية المكذوبة عن مقاومتهم لإسرائيل، ويكشف دورهم الوظيفى الحقيقى الذى يقومون به منذ حسن البنا المؤسس وحتى الآن، فتحت ظلال المسبحة والدعوة الإسلامة هاجم حسن البنا حارة اليهود وفجرها، والحقيقة أنه كان تحت ظلال العلم الإسرائيلى يقدم خدمة جليلة للصهيونية، فتلك العمليات دفعت بعض اليهود للهجرة خارج مصر، وأثبتت خطأ أغلب اليهود الذين رفضوا المغادرة واعتبروا مصر وطنًا لهم.

وتحت ظلال المسبحة قامت حماس فرع الإخوان المسلمين فى فلسطين بادعاء المقاومة الإسلامية، وتحت ظلال العلم الإسرائيلى قوضت كل مكاسب معاهدة أوسلو وأسقطت عن الحكومات الإسرائيلية أعباء كل المراحل التالية لإقامة دولة فلسطينية، وتحت ظلال العلم الإسرائيلى أحدثت حماس الانقسام الشهير بين السلطة الفلسطينية، فاحتفظت السلطة برام الله واحتفظت حماس بغزة، وتحت ظلال العلم الإسرائيلى أسقطت حماس شعار «فلسطين من البحر للنهر» ورفعت شعار «متعاطفا مع غزة» واختصروا القضية فى غزة والغزاويين.

غباء سياسى أم عملاء بأجر

يرى بعض المحللين أن الإخوان الإرهابيين الذين تظاهروا أمام السفارة المصرية فى تل أبيب قد فعلوا ذلك كدليل على الغباء السياسى، فهل يعقل أن يكشفوا أنفسهم بهذه السهولة، إلا إذا كانوا أغبياء بامتياز، فالشارع العربى لن يتقبل مظاهرة فلسطينية أمام سفارة مصر فى إسرائيل حصلوا على ترخيصها من وزير الأمن «بن غفير» الذى لم يخجل أن يطالب بإبادة غزة وأهلها، وكانوا ينتظرون أن تكون أمام الكنيست أو وزارة الدفاع الإسرائيلية أو على الأقل تندد بتصرفات نتنياهو وحكومته، لكن المظاهرة لم تكن موجهة بالأساس للعرب فهناك قراءة أخرى للمشهد.

اولاً المظاهرة لم تأتِ منفصلة عن السياق العام بل هى جزء من حملة ممنهجة ضد مصر بشكل واضح ينفذها بدقة تنظيم الإخوان الدولى ليعلن للعالم المؤيد للجماعة أنها لا تعادى إسرائيل بل تعادى مصر وأنها لاتمانع من فتح الحدود لتنفيذ مخطط التهجير تحت سحر المسبحة وتحت ظلال العلم الإسرائيلى، ثانيا المستفيد من هذه المظاهرة هى إسرائيل وحكومة نتنياهو، ثالثا لم يكن للإخوان التنظيم الدولى أو التنظيم فى إسرائيل أى إرادة فى تنفيذ المظاهرة أو عدم تنفيذها، فهم مأمورون مأجورون، فنتنياهو هو سيدهم وقائدهم، عندما أشار لهم بأن يخرسوا طوال العامين الماضيين، فعلا سكتوا لم يتحدثوا عن المجازر الإسرائيلية ضد الأطفال والمستشفيات والمرضى، لم يتحدثوا عن التهجير ولا تصفية القضية ولا عن أكثر من 120 ألف جريح وقرابة الـ 60 ألف قتيل ومفقود، أكثر من عامين لم نسمع لهم صوتا، ولا حتى قبل أسبوع عندما هجمت العصابات الصهيونية على المواطنين العزل الفلسطينيين الذين تسابقوا للحصول على المساعدات الإنسانية فقتلوا منهم قرابة 1500 مواطن وطفل، لم يحتجوا أمام وزارة الأمن ولا الدفاع ولم يرفعوا صورة لهم ولم يدينوهم بكلمة، فهذا خارج سيناريو إنقاذ نتنياهو ولم يطلبه، هم فقط استجابوا عندما أمرهم نتنياهو بالظهور ليخففوا عنه الضغوط، وعندما أمر كانوا تحت الإذن والأمر ورهن الإشارة، أصدر لهم الأمر فنفذوه كما طلب بدون أى زيادة، فهيئة أئمة الداخل هى واحدة من منظمات إخوان الداخل التابعة للحركة الإسلامية الجنوبية والتى يرأسها الطبيب منصور عباس، ونفذ الأمر أيضا أبناء الحركة الإسلامية الشمالية المحظورة فى إسرائيل والتى يرأسها رائد صلاح، والجميع ينتمى لما يعرف بــ «عرب48» أى الفلسطينيين فى الخط الأخضر والحاصلين على الجنسية الإسرائيلية.

أما «منصور عباس» الذى يرأس الحركة الإسلامية الجنوبية، فهو إخوانى إسرائيلى شهير وعضو بالكنيست، وهو صديق شخصى لنتنياهو وشريك سياسى قوى لحزب الليكود وكثيرا ما كان يدعو للتصويت لـ «أبو يائير» اللقب العربى لنتنياهو، تميزت خطب منصور فى المدن العربية مستخدماً اللغة «العبرية» فى إصرار على أن تكون هى هويته لا العربية، ولا يعرف عن منصور أنه تحدث عن القضية الفلسطينية، وكثيرًا ما أحبط محاولات «المجموعة العربية» فى الكنيست التى كانت تكشف جرائم نتنياهو، والراجح عندى أنهم نظموا المظاهرة أمام السفارة المصرية رافعين الأعلام الإسرائيلية ليست كرسالة للعرب، بل رسالة للخارج وللداخل الإسرائيلى فى نفس الوقت تقول: «إن الفلسطينيين أنفسهم، يحملون مصر مسئولية حصار وتجويع سكان القطاع»، أما رسالة الخارج فتستهدف تخفيف الضغوط الشعبية على الحكومات الأوروبية لوقف حصار الأبرياء فى غزة واتخاذ مواقف قوية ضد إسرائيل وحكومتها، أما الداخل الإسرائيلى فهى رد على المظاهرات التى تحمل نتنياهو وحكومته مسئولة الجرائم التى ترتكب فى غزة، لذا لم يكن غباءً إنما عمالة حقيرة، والعميل لا يشعر بتأنيب الضمير ولديه من البجاحة أن يرر فعلته مستخدمًا المسبحة.

المغيبون الذين تجرعوا سم الإخوان

هل وصلت الرسالة الإخوانية الإسرائيلية للمغيبين الذين يدافعون عن الإخوان، أو حتى هؤلاء الذين يرددون أكاذيبهم ضد مصر، لا أعتقد أن هناك مصريا واحدا مهما كان مختلفا مع النظام أو مع الحكومة، يصدق الجماعة الإرهابية ويردد أكاذيبها بعد اعترافهم العملى بعمالتهم لإسرائيل.

على الجميع أن يراجع كافة المعلومات التى وصلته عن طريقهم فهى إما مكذوبة بالكامل أو مدسوس فيها السم، عليكم جميعًا التخلص فوراً من أى فكرة وصلتكم مغلوطة عن وطنكم «مصر» ولكم أن تفتخروا دائما أنكم مصريون تعيشون فى ظل حكومة وقيادة لم تبع القضية الفلسطينية فى أحلك الظروف، وتتعامل بشرف فى زمن عز فيه الشرف، فقد كان من الممكن تحت ظلال المسبحة والعلم الإسرائيلى أن تستفيد اقتصاديًا من الحرب على غزة، وتحت ادعاء أننا «لن نترك عزة وحدها» أن يتم فتح حدود مصر ونستقبل مئات الآلاف من النازحين، وأن نحصل مقابل هذه التصفية على «مليارات الدولارات» من جهات دولية وإقليمية، لكنها مصر يا سادة، مصر التى أعلنتها من أول لحظة أنها ضد تصفية القضية الفلسطينية، مصر المساندة بقوة للفلسطينيين، والتى تعاقب على هذا الآن.

مصر بين الحقائق وأكاذيب الإخوان

لأن عالم الميديا مليء بالأكاذيب ذات الصوت العالى، والتى يقف خلف ترويجها تنظيم إجرامى مثل الإخوان، فيجب التوقف عن ترديدها فورا، ومن السهل أن يفرق المواطن المصرى بين الأكاذيب وبين الحقائق، فأى دعاية ضد الوطن باسم المعارضة هى أكاذيب وترديدها هو عين الخيانة، أى شعار عند تطبيقه عمليًا يساهم فى تهجير الفلسطينيين من القطاع هى أكاذيب وترديدها هو عين الخيانة، وأى هجوم على مصر ولا يجعل إسرائيل هى العدو هى أكاذيب وترديدها عين الخيانة، أى مظاهرة ضد مصر وليست ضد إسرائيل هى أكاذيب وترديدها عين الخيانة.

أما الحقائق فهى كثيرة وواضحة ويعلمها العالم أجمع، إلا الإخوان والمتابعين لهم والمتحالفين معهم، والمؤيدين لهم والذين ليسوا إخوانا لكن يحترمونهم، فالعالم بكل مؤسساته يعلم أن مصر منذ بدء أحداث 7 أكتوبر 2023 أدخلت إلى غزة أكتر من 35 ألف شاحنة مساعدات، ومصر بمفردها قدمت أكتر من 70 فى المائة من إجمالى المساعدات التى دخلت القطاع، ورغم ذلك نالت مصر من الدعاية السوداء المضادة من الإخوان والتنظيم الدولى، ولو تذكرون بعد دخول أول فوج من الشاحنات شن الإخوان حملات دعاية ضد هذه المساعدات زاعمين أنها لم تصل للفلسطينيين، وأن الشاحنات فارغة، وأن بها أطعمة فاسدة، وأن مصر أرسلت لهم الأكفان فقط، ولا يزال نهر الدعاية المسموم يفيض ضد مصر.

ومن الحقائق الواضحة أن مصر استقبلت آلاف الجرحى والمصابين الفلسطينيين فى مستشفياتها، وقدّمت لهم رعاية كاملة، نالها أيضا داعية الإخوان المسيئة، ومن الحقائق أيضَا أن مصر التى قادت جهود الوساطة لوقف إطلاق النار، وأسفرت عن هدنتين أفشلهما نتنياهو وحماس وكأنهما متفقان على ذلك، ومن الحقائق أيضا أن مصر نظّمت مؤتمرا دوليا للسلام فى القاهرة بمشاركة 30 دولة، كشفت فيه جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين، وأوضحت حجم المعاناة التى يعانيها الشعب البريء الأعزل، ومن الحقائق أيضاً أن مصر لم تترك محفلًا من المحافل الدولية إلا وأحيت فيه القضية الفلسطينية.

من أجل ما سبق تعاقبها إسرائيل مستخدمة اذنابها وعملاءها فى مصر والعالم العربى «جماعة الإخوان الإرهابية».

 
 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة