رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

السنة الأولى لترامب.. عودة مليئة بالأكشن


27-12-2025 | 09:35

.

طباعة
تقرير: يمنى الحديدى

اعتاد الرئيس الأمريكى ترامب على بلبلة الأحداث من حوله، وخلق نظام جديد بعيد كل البعد عن الأعراف الرئاسية والقوانين الأمريكية، وهذه المرة شهد العام الأول أحداثا وقرارات مثيرة، تعدى بها ترامب كل الحدود.

 

ففى اليوم الأول فى منصبه، سحب ترامب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ ثم جمد جميع المساعد الخارجية، وتوالت القرارات، فعلق قبول اللاجئين، كما منح العفو لأكثر من 1500 شخص متهمين فى أحداث شغب مبنى الكابيتول التى وقعت فى 6 يناير 2021، والتى كانت تهدف لتغيير نتائج انتخابات 2020 لصالح ترامب، وكل هذا كان مجرد بداية للعديد من القرارات المؤثرة التالية، ففى غضون شهر أقال 17 مفتشا عاما، وسمح لمسئولى الهجرة باعتقال الأشخاص داخل المحاكم، كما أعلن فرض التعريفات الجمركية على عدة دول، وقال إن الولايات المتحدة يجب أن تحكم قطاع غزة.

ترامب أيضا رحل العديد من المهاجرين إلى سجون فى السلفادور وأمريكا الجنوبية، وحاول التدخل بكل ما أوتى من قوة فى قضية أوكرانيا، وغيرها وغيرها من الأحداث التى ربما لا يمر يوم واحد دونها، وكان من الصعب مواجهة كل هذا، ففى الأغلب يسارع الرؤساء لإنجاز الكثير من أجندتهم خلال عامهم الأول مستغلين زخم الحملة الانتخابية، لكن وتيرة ترامب عند عودته للبيت الأبيض كانت مذهلة.

واستغل ترامب قدرته على إثارة الجدل والبلبلة فى جذب الانتباه لجذب انتباه الرأى العام، فى الوقت الذى واصل فريقه وتيرة أعمالهم لتنفيذ أجندته، فقد ألغوا قوانين الطاقة، فى محاولة لزيادة إنتاج النفط والغاز الأمريكى، كما سرحوا أكثر من 300 ألف موظف حكومى، كما ألغوا متطلبات التطعيم ضد كوفيد 19، وجمد الفريق تمويل الأبحاث فى الجامعات الكبرى لمعاقبتها والضغط عليها لإنهاء برامج التنوع وتوظيف المزيد من المحافظين كأعضاء هيئة التدريس.

كما غيَّر ترامب استراتيجيته أيضا هذه المرة فى الإسراع من وتيرته واتخاذ القرارات وترك الكونجرس والمحاكم تلهث خلف قراراته ليحكموا مدى دستوريتها من عدمها، فخلال ولايته الأولى على سبيل المثال، أهدر ترامب الكثير من الوقت فى محاولة إقناع الكونجرس بإلغاء قانون الرعاية الصحية الميسرة، لكن هذه المرة اتخذ قرارات فورية بتخفيض الضرائب للشركات والأثرياء، وربط ذلك أيضا بقائمة طويلة من بنود برنامجه الأخرى، بما فى ذلك إنهاء دعم الطاقة النظيفة، وزيادة تمويل إنفاذ قوانين الحدود والهجرة، كما أغلق برنامجًا أُطلق فى عهد بايدن كان يسمح للمهاجرين بحجز موعد على الحدود لطلب اللجوء، وألغى الحماية المؤقتة لأكثر من 675 ألف شخص يقيمون فى الولايات المتحدة. ثم حشد دوريات الحدود وعناصر إدارة الهجرة والجمارك لتنفيذ اعتقالات علنية وعشوائية فى كثير من الأحيان فى مختلف المجتمعات فى الولايات، وكثّف عمليات الترحيل. ونشر ترامب الحرس الوطنى فى لوس أنجلوس لمواجهة الاحتجاجات ضد إجراءاته المتعلقة بالهجرة، وأرسل قوات الحرس إلى واشنطن العاصمة، مُدّعيًا أن ذلك لمكافحة الجريمة. وعليه اضطربت الحياة اليومية للمهاجرين فى الولايات فى جميع أنحاء البلاد، وانخفضت عمليات عبور الحدود بين نقاط الدخول بشكل كبير.

أما فصل التعريفات الجمركية هى الأخرى فقد استهلك وقتا كبيرا على مدار العام الماضى، فاستخدامه المتقلب للتعريفات الجمركية سبب اضطرابا كبيرا فى العالم ولقادة الصناعة، وشهدت أسواق الأسهم تقلبات حادة لا سيما فى الربيع بعد أن أعلن ترامب بشكل مفاجئ عن التعريفات الجمركية على عدد من الشركاء، ثم قام بتأجيل أو إلغاء العديد منها.

ورغم أن ترامب أعلن أن هذه التعريفات كانت جزءا من خطة لإنعاش الاقتصاد والصناعة المحلية، إلا أن أكثر هذه التعريفات استخدمها ترامب كأداة دبلوماسية للضغط والتهديد سواء للخصوم المباشرين للولايات المتحدة كما فى حال الصين، أو حتى كما حدث أثناء اندلاع التشابكات بين الهند وباكستان، حيث ادعى ترامب أن تهديده بفرض عقوبات جديدة هو ما أقنع الخصمين اللدودين بالتراجع. وقال ترامب فى المكتب البيضاوى فى 6 أكتوبر. «لو لم تكن لدى سلطة التعريفات، لكانت أربع حروب على الأقل من أصل سبع مستعرة». وأضاف: «لم نكتفِ بتحقيق مئات المليارات من الدولارات، بل أصبحنا أيضًا قوة حفظ سلام بفضل التعريفات».

الصعيد الدولى لم يقل حرارة عن الأحداث الداخلية، فبدأها ترامب بالضغط على الدول الأوروبية لزيادة استثماراتها فى جيوشها، وضرب منشآت نووية إيرانية ثم أعلن إنهاء الحرب الجوية بين إيران وإسرائيل، وأقنع دول الشرق الأوسط بدعم خطته لوقف إطلاق النار فى غزة، وأخيرا قام بقتل العشرات فى غارات عسكرية استهدفت قوارب زعم أنها استخدمت فى تهريب المخدرات فى البحر الكاريبى والمحيط الهادى، وهو ما أثار استنكارا عالميا لهذه الغارات.

أما فى حملته الانتخابية فى الأساس فلم يخفِ نيته بأنه سيستغل ولايته الثانية للانتقام من الخصوم، وقد نفّذ وعده، إذ حرض وزارة العدل ضد خصومه القدامى، مثل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى السابق جيمس كومي، والمدعية العامة لولاية نيويورك ليتيتيا جيمس، لكن سياسة الأمر الواقع لم ترق للأمريكيين أيضا حيث بدأت نسبة تأييد ترامب العام عند 47 فى المائة، وفقًا لاستطلاعات جالوب، لكنها استقرت قرب 40 فى المائة منذ الصيف. ويُعتبر تكثيف عمليات ترحيل المهاجرين الذين عاشوا فى الولايات المتحدة لسنوات طويلة أمرًا غير شعبى على نطاق كبير. لكن على الجانب الآخر يشيد بعض الناخبين بترامب لنجاحه فى الحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود.

وتشمل سياسات ترامب الأخرى التى لاقت رواجًا بين الأمريكيين حثّ أوروبا على زيادة الإنفاق الدفاعي، والتفاوض على وقف إطلاق النار فى غزة، ومعالجة المخاوف بشأن مشاركة الرياضيين المتحولين جنسيًا فى الرياضات الشبابية.

لكن الكثير أيضا لم يكن راضيا عن السنة الأولى بشكل عام، فقد خرج الملايين فى مدن فى جميع أنحاء البلاد للمشاركة فى احتجاجات «لا للملوك» المناهضة لترامب فى يونيو وأكتوبر. وكانت نتائج الانتخابات الفرعية فى نيوجيرسى وفرجينيا كارثة على الجمهوريين؛ إذ إن العديد من الناخبين الذين صوتوا لترامب فى عام 2024 دعموا الديمقراطيين الذين وعدوا ببذل المزيد من الجهود لمعالجة ارتفاع الأسعار والتصدى لقيادة ترامب الفوضوية على حد تعبيرهم. ومع اقتراب انتخابات التجديد النصفى فى عام 2026، سيوجه ترامب والجمهوريون أولويةً قصوى لتغيير الرأى العام. وقد يُحدد أسلوب تعامل ترامب مع القضايا التى تتصدر معظم استطلاعات الرأى - الاقتصاد وارتفاع تكاليف المعيشة - مسار سنته الثانية فى منصبه.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة