رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

أسلحة بالمليارات لتايوان.. واشنطن تُشعل غضب بكين


27-12-2025 | 09:31

.

طباعة
تقرير: أمانى عاطف

في خطوة ستعيد التوتر إلى الواجهة بين الولايات المتحدة والصين فى توقيت صعب، أعلنت واشنطن عن حزمة ضخمة من مبيعات الأسلحة إلى تايوان تتجاوز قيمتها 10 مليارات دولار،الصفقة التي تقول واشنطن إنها تهدف إلى تعزيز قدرات تايوان الدفاعية، أثارت غضب الصين التى تعتبر الجزيرة جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، محذّرة من تداعيات خطيرة على الاستقرار الإقليمي في شرق آسيا. ويبقى السؤال: هل يمكن أن تؤدى الصفقة إلى تصعيد عسكري في مضيق تايوان، وكيف ستؤثر على العلاقات الأمريكية-الصينية؟

 

تشمل هذه الصفقة غير المسبوقة ثمانى اتفاقيات رئيسية منها 82 منصة إطلاق صواريخ هيمارس، مقترنة بـ 420 صاروخ أتاكمز بعيد المدى بقيمة تتجاوز 4 مليارات دولار، وهو مزيج من شأنه أن يمنح تايوان قدرة جديدة على توجيه ضربات بعيدة المدى عبر المضيق، وهى أنظمة مماثلة لتلك التى زودت بها واشنطن أوكرانيا فى حربها ضد روسيا خلال إدارة بايدن. كما تشمل الصفقة 60 من منظومة مدافع هاوتزر ذاتية الحركة، وأنظمة طائرات بدون طيار متطورة تتجاوز قيمتها مليار دولار، وأسلحة مضادة للدروع، وحزم برامج عسكرية تتضمن صفقات بأكثر من مليار دولار، وصواريخ من طرازى «جافلين» و«تاو» بقيمة تزيد على 700 مليون دولار، إلى جانب قطع غيار للمروحيات بقيمة 96 مليون دولار، ومعدات لتطوير صواريخ «هاربون» بقيمة 91 مليون دولار.

وفى حال موافقة الكونجرس الأمريكى ستكون هذه أكبر صفقة أسلحة أمريكية تُقدم لتايوان على الإطلاق، متجاوزةً إجمالى مبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان خلال فترة رئاسة جو بايدن الديمقراطية، والتى بلغت 8.4 مليار دولار. من المتوقع أن تزيد هذه الصفقة من حدة التوتر بين واشنطن وبكين، التى تعارض بشدة أى مبيعات أسلحة الأمريكية لتايوان وتعتبرها تدخلا فى شئونها الداخلية وتهديدا للاستقرار الإقليمي.

من جانبها أدانت الصين الولايات المتحدة لموافقتها على صفقة أسلحة بقيمة 11.1 مليار دولار لتايوان، محذرةً من أن هذه الصفقة تُهدد بتحويل الجزيرة إلى «برميل بارود» ودفع المنطقة نحو «مواجهة عسكرية وحرب»، واتهمت بكين قيادة تايوان بـ«السعى إلى الاستقلال بالقوة»، وزعمت أن واشنطن تستخدم الجزيرة «لتطويق الصين»، وهو خطاب يُنذر بتصاعد التوترات، حتى مع تصوير الولايات المتحدة للصفقة على أنها ضرورية لتعزيز دفاع تايوان عن النفس. وقد شهدت العلاقات الأمريكية الصينية توتراً متصاعداً خلال ولاية ترامب الثانية، لا سيما فيما يتعلق بالتجارة والتعريفات الجمركية، فضلاً عن تصاعد العدوانية الصينية تجاه تايوان والتى تطالب بإعادة توحيدها مع البر الرئيسي.

يقول الحزب الشيوعى الصينى إن تايوان، التى تتمتع بالحكم الذاتى والنظام الديمقراطي، جزء من أراضيه السيادية. بينما تعمل تايوان على زيادة مشترياتها العسكرية فى السنوات الأخيرة مع تزايد الضغط عليها من بكين، حيث تتواجد الطائرات والسفن الصينية بشكل شبه يومى حول الجزيرة، بالإضافة إلى إجراء مناورات واسعة النطاق بانتظام فى المياه المحيطة بها وفوقها. وعند الإعلان عن تلك الصفقة، صرّحت المتحدثة باسم الرئاسة التايوانية، كارين كو، بأن الجزيرة ستزيد إنفاقها الدفاعى إلى أكثر من 3 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المقبل، وإلى 5 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى بحلول عام 2030.

أعرب الأستاذ عمرو حسين الكاتب والمحلل السياسي، عن قلقه من تداعيات إعلان الولايات المتحدة عن حزمة ضخمة من مبيعات الأسلحة إلى تايوان بقيمة تتجاوز 10 مليارات دولار، معتبرًا أن هذه الخطوة تمثل تطورًا خطيرًا فى مسار التوتر المتصاعد بالفعل فى منطقة شرق آسيا، ولا سيما فى مضيق تايوان الذى يُعد إحدى أكثر النقاط حساسية فى النظام الدولى الراهن.

وأضاف «حسين» أن الصفقة، من حيث التوقيت والحجم، لا يمكن فصلها عن سياق التنافس الاستراتيجى المحتدم بين واشنطن وبكين، مشيرًا إلى أن الصين تنظر إلى تايوان باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، وأن أى دعم عسكرى أمريكى مباشر للجزيرة يُعد فى المنظور الصينى مساسًا بالسيادة الوطنية وخطًا أحمر لا يمكن التساهل معه. ومن ثم، فإن هذه الصفقة تحمل فى طياتها احتمالات تصعيد عسكري، حتى وإن لم يكن فوريًا أو مباشرًا.

وأوضح عمرو حسين أن احتمالات التصعيد لا تعنى بالضرورة اندلاع حرب شاملة فى المدى القريب، لكنها قد تتجسد فى صورة مناورات عسكرية صينية أوسع نطاقًا حول تايوان، أو تكثيف الوجود البحرى والجوى فى المضيق، فضلًا عن تصعيد سياسى ودبلوماسى حاد. وأضاف أن بكين تميل تقليديًا إلى الرد المتدرج، عبر الجمع بين الضغط العسكرى غير المباشر، والعقوبات الاقتصادية، والرسائل السياسية الصارمة، فى محاولة لردع تايبيه وواشنطن معًا دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.

وفيما يتعلق بتأثير الصفقة على العلاقات الأمريكية–الصينية، أعرب حسين عن اعتقاده بأن هذه الخطوة ستُعمّق فجوة الثقة بين القوتين العظميين، وتؤكد انتقال العلاقات الثنائية من مرحلة التنافس المُدار إلى مرحلة أكثر اقترابًا من الصراع الاستراتيجى طويل الأمد. وأضاف أن واشنطن تسعى من خلال هذه الصفقة إلى تعزيز سياسة “الردع” ومنع أى تحرك صينى أحادى لتغيير الوضع القائم بالقوة، فى حين ترى بكين أن الولايات المتحدة تستخدم ملف تايوان كورقة ضغط فى إطار استراتيجية تطويق الصين واحتواء صعودها الدولي.

وأشار عمرو حسين إلى أن استمرار هذا النهج من شأنه أن يُضعف فرص الحوار الحقيقى بين الطرفين، ويجعل من مضيق تايوان ساحة اختبار دائمة لإرادات القوى الكبرى، بما يحمله ذلك من مخاطر على الاستقرار الإقليمى والعالمي، خاصة فى ظل ترابط سلاسل الإمداد العالمية وأهمية المنطقة للاقتصاد الدولي.

واختتم حسين تصريحه بتأكيد أن الحلول العسكرية لن تفضى إلا إلى تعقيد المشهد، داعيًا إلى تغليب المسار الدبلوماسى وإعادة إحياء قنوات التواصل الأمريكية–الصينية، لأن أى انفجار عسكرى فى مضيق تايوان لن يقتصر تأثيره على أطراف النزاع فقط، بل سيمتد ليطال النظام الدولى بأكمل.

ويرى الكاتب والمحلل السياسى الصينى نادر رونج روهان أن الصين تعارض بشدة هذه الصفقة، وأن واشنطن تخرب وتنتهك سياسة الصين ووحدة أراضيها، وكذلك تخالف بيانات أمريكية –صينية، وهناك وسائل ردع كثيرة لدى الصين مثل الوسائل الاقتصادية والعسكرية وغيرها. وأوضح روهان أن الصين بالفعل قامت بإلغاء صفقة قمح من الولايات المتحدة ولدى الصين الرد العسكرى عن طريق تكثيف المناورات العسكرية للدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة