رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

شكيب أرسلان.. أمير البيان ورائد النهضة العربية

25-12-2025 | 11:04

شكيب أرسلان

طباعة
فاطمة الزهراء حمدي

يظل شكيب أرسلان واحدًا من أبرز الشخصيات الفكرية والسياسية في تاريخ العرب الحديث، رجل العقل والكلمة، الذي جمع بين قوة البيان وعمق الفكر، وسعى طوال حياته لإيقاظ الهمم العربية والدفاع عن الأمة ضد الاستعمار، مؤكدًا على أهمية الوحدة والتماسك لمواجهة التحديات، كانت حياته رحلة مستمرة بين العلم والسياسة والأدب، جعلت منه أستاذًا في النهضة العربية، ومثالًا للإرادة والوعي الوطني.

ولد شكيب أرسلان في قرية الشويفات قرب بيروت غرة رمضان 1286 هـ الموافق 25 ديسمبر 1869م، و«شكيب» تعني بالفارسية الصابر، و«أرسلان» تعني بالتركية والفارسية الأسد. بدأ حياته العملية بالتعيين مديرًا للشويفات، ثم قائم مقام في الشوف، وانتخب نائبًا عن حوران في مجلس المبعوثان العثماني.

تأثر أرسلان بعدد من أعلام عصره، من بينهم الشيخ عبد الله البستاني في «مدرسة الحكمة»، والعالم الأمريكي دكتور كرنيليوس فانديك بالجامعة الأمريكية ببيروت، وأستاذه الإمام محمد عبده الذي عرفه على أرقى الشخصيات والمثقفين من شعراء وأدباء وساسة مثل محمود سامي البارودي ومحمد رشيد رضا وجمال الدين الأفغاني، الذي اقتدى به في فكره وحياته السياسية.

كما تعرف أرسلان إلى أحمد شوقي وإسماعيل صبري وغيرهم من أعلام الأدب والشعر، مما جعل بيئته التعليمية أشبه بأكبر جامعة عربية، وأجاد عدة لغات بينها العربية والتركية والفرنسية والألمانية.

بدأ أرسلان كتابة الشعر في منتصف عقده الثاني، وأرسل قصائده إلى جريدة الأهرام المصرية، ونشر ديوانه الأول «الباكورة» عام 1887م. ثم انطلق في رحلات واسعة من لوزان بسويسرا إلى نابولي في إيطاليا، مرورًا ببورسعيد ومكة المكرمة، حيث سجل كل ما شاهده والتقى به من أحداث وشخصيات.

كان أرسلان ناقدًا حادًا للاستعمار الغربي، خاصة الفرنسي، وربط بين الحملات الصليبية القديمة والاحتلال الحديث للأراضي العربية، مؤكدًا على ضرورة الوحدة العربية لمواجهة الطموحات الاستعمارية، وسعى لنشر الوعي العربي في مختلف أنحاء العالم، فزار روما وأمريكا الشمالية وروسيا وإسبانيا، واستقبل فيها استقبالًا حافلًا، ونشر مقالات تكشف فظائع المستعمرين وجرائمهم ضد الشعوب العربية والإسلامية.

ألف أرسلان عشرات الكتب والمخطوطات، من أبرزها:

«تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط» (1933م).

«الحُلل السُّندسية في الأخبار والآثار الأندلسية» (1939م).

«رواية آخر بني سراج» ترجمة شكيب أرسلان (1925م).

«لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟» (1939م).

إضافة إلى أكثر من 24 مخطوطًا، معظمها محفوظ في مكتبة الملك المغربي الحسن الثاني أو لدى بعض أسرته في لبنان وحور، منها «رحلة إلى ألمانيا» و«بيوتات العرب في لبنان» و«مذكرات الأمير شكيب أرسلان».
عاد شكيب أرسلان إلى لبنان في أكتوبر 1946م بعد الحرب العالمية الثانية، واستقبِل استقبالًا شعبيًا ورسميًا، لكنه توفي بعد أشهر قليلة في 9 ديسمبر 1946م بسبب أمراض متعددة، فشيع بمراسم مهيبة من الجامع العربي في بيروت إلى مسقط رأسه في الشويفات، بحضور كبار الشخصيات الرسمية والشعبية.

ترك شكيب أرسلان إرثًا فكريًا وأدبيًا وسياسيًا عظيمًا، جعل منه رمزًا للنهضة العربية، وأيقونة الدفاع عن وحدة الأمة العربية والإسلامية، مؤكدًا دائمًا أن قوة الكلمة والفكر قادرة على مواجهة كل التحديات.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة