رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

د. زاهى حواس يروى تفاصيل الفكرة وحكايات الإنشاء: «لا مثيل للمتحف الكبير في العالم كله»


31-10-2025 | 17:57

الدكتور زاهى حواس

طباعة
حوار: أمانى عبد الحميد

داخل مكتبه الذى يعج بالكتب وقصاصات الورق جلس يحمل فى يده كتاباً ذهبى اللون يحمل اسم الملك «توت عنخ آمون». أشار إليه بزهو قائلا : كتبت عن كل قطعة من مقتنيات الملك كما لم أكتب عنه من قبل.. إنه الكتالوج الخاص بقاعة الملك داخل المتحف المصرى الكبير الذى يحوى صوراً لمقتنيات وحلى وتماثيل وقطع لم ترها العين من قبل يتم عرضها للمرة الأولى منذ اكتشافها فى عام 1922. وفى اليد الأخرى أشار إلى كتالوج المتحف المصرى الكبير الذى انتهى من كتابته وينتظر إشارة البدء لطباعته. الدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق الذى كان شاهداً على ولادة حلم المتحف الكبير، تحدث عن خبايا بدايات العمل على تحقيقه، وكشف عن تفاصيل البناء حتى باتت مصر تمتلك أكبر متحف متخصص فى عرض الحضارة المصرية.

 

منذ البدايات الأولى، احكِ لنا قصة مشاركتك فى عملية اتخاذ القرار والبناء كى يخرج اليوم وبعد أكثر من عشرين عاماً المتحف كما سيراه العالم ؟

الحقيقة أن الفنان الوزير فاروق حسنى هو صاحب فكرة بناء المتحف المصرى الكبير. صحيح أننى شاركت فيها عندما توليت مسؤولية المجلس الأعلى للآثار فى عام 2002. ووقتها نظمنا معرضا خارجيا لعدد من مقتنيات الملك توت عنخ آمون حقق دخلا ماديا فاق الـ 120 مليون دولار. وقتها كانت هى المرة الأولى التى يحقق معرض أثرى خارج مصر عائداً ضخماً. وكان أول دفعة مالية شاركت بها مصر للبدء فى بناء مشروع المتحف. حيث تم استخدامها فى بناء المخازن الأثرية ومعامل الترميم الخاصة بالمتحف. دون مبالغة ، هى الأهم والأعظم على مستوى العالم. فلا يوجد فى متاحف مثل اللوفر أو المتروبوليتان معامل للترميم أو مخازن متخصصة تضاهى ما يملكه المتحف الكبير.

حدثنا عن فلسفة العرض المتحفى التى يتميز بها المتحف الكبير، من أين بدأت فكرتها وكيف تطورت؟

مع البدايات الأولى ، كنا نحاول أن نضع تصوراً نابعاً من احتياج الآثار على أرض الواقع. على سبيل المثال تحدثت مع الفنان فاروق حسنى عن ضرورة نقل متحف مراكب الشمس الخاصة بالملك “خوفو” من موقعها أمام الهرم الأكبر. شكلها سيئ ويؤذى الهرم الذى يزيد عمره على 4500 عام. ومن البدء فى مشروع البناء اتخذنا قرار نقل مراكب الشمس كى تكون جزءاً من سيناريو عرض المتحف الكبير. وعلينا جميعاً تقديم الشكر والتحية لسيادة اللواء عاطف مفتاح المشرف على مشروع بناء المتحف، الذى قرر القيام بعملية النقل بعد القيام بكافة الدراسات العلمية المطلوبة. صحيح كنت أشعر بالخوف الشديد عليها خلال عملية النقل، لكنها والحمدلله وصلت مراكب الملك “خوفو” بأمان إلى مستقرها داخل المتحف الخاص بها والملحق بالمتحف الكبير.

ماذا عن مركب الملك “خوفو” الثانية؟ ما هى قصتها التى تكشف عن حجم التعاون بين مصر واليابان؟

فى عام 2006 - 2008 اتفقت مع عالم الآثار اليابانى “ياشيمورا” على القيام بمشروع استخراج وترميم مراكب الملك “خوفو” الثانية التى كانت فى موقعها الأصلى. حاولنا الحصول على تمويل مالى للمشروع العلمى. لكن واجهتنا حملة رفض من قبل كل العاملين فى الآثار. كان الخوف هو المسيطر. لكننى أصررت على القيام بالمشروع، خاصة أن المركب الثانى كان مهدداً بالاندثار نتيجة تآكله بسبب الحشرات والأجواء المحيطة بها. وذلك طبقا لتقارير علمية تقدمت بها الناشيونال جيوجرافيك عن حالة المركب. لكن بفضل “ياشيمورا” نجحنا فى الحصول على تمويل من الحكومة اليابانية للقيام بأعمال استخراج وترميم المركب الثانية. وبالفعل على مدار الـ 15 عاماً الماضية ، قامت البعثة اليابانية المصرية المشتركة باستخراج كل قطعة خشبية بحرص شديد ومعالجتها وترميمها داخل معامل الترميم بالمتحف. والشيء المذهل أنهم قاموا ببناء نموذج أو هيكل معدنى تصورى للمركب وذلك لإعادة بنائها كما كانت مرة أخرى. واليوم نحن نفخر بأنها باتت جزءًا من العرض المتحفى داخل المتحف الكبير. وتلك هى المرة الأولى التى سيتمكن الزائر من مشاهدة عملية ترميم وإعادة بناء المركب الأثرية بشكل مباشر بعدما أصبحت جزءًا من العرض المتحفى.

هناك جدل علمى حول طبيعة تلك المراكب الخشبية للملك “خوفو” هل كانت مراكب حقيقية أم هى جنائزية؟

بعد اكتشاف مراكب الملك “خوفو” الثانية بلا مجاديف أو شراع ، تأكدنا أنها ليست مراكب جنائزية. هى بالفعل مراكب للشمس. حيث أثبتت الدراسة العلمية أنها مراكب طبقاً للعقيدة المصرية القديمة. كان الملك يستخدمها فى شكل إله الشمس “رع” خلال رحلة النهار والتى يطلق عليها “ معنجت” أو قارب ملايين السنين. ويستخدمها فى رحلة الليل ويطلق عليها “ مسكتت “. وكانت المجاديف يتم استخدامها بصفة رمزية لقتل الحيوانات الشريرة خلال رحلته فى العالم الآخر، كى يتمكن من إنقاذ العالم من الشر.

كنت صاحب قرارات جريئة ومنها قرار نقل تمثال الملك “رمسيس الثاني” من ميدان رمسيس إلى موقع المتحف المصرى الكبير قبل البناء، ألم تتردد أو تخشى على التمثال الملكى الضخم من السير وسط القاهرة ؟

بالتأكيد كان القرار جريئا ، لكن وجب اتخاذه نظرا لزحام ميدان رمسيس وما به من تلوث هواء وضوضاء أثرت بشكل كبير على التمثال الملكى. من قبلى حاول عدد ممن تولوا المجلس الأعلى للآثار اتخاذ القرار لكنهم تراجعوا. وأتذكر كلمات الوزير فاروق حسنى وهو يحذرنى بقوله :” يا زاهى لو التمثال جرى له حاجة كلنا هنمشى..”. لكننى لم اتخذ القرار إلا بعد القيام بدراسات علمية مكثفة شاركنى فيها أثريون ومرممون إلى جانب مهندسى شركة المقاولين العرب وعلى رأسهم المهندس إبراهيم محلب. كنا نستخدم نسخة طبق الأصل من التمثال لدراسة عملية النقل والطريق. قمنا بإجراء عدد من الدراسات الأثرية والجيولوجية والمعمارية قبل اتخاذ قرار نقل التمثال كتلة واحدة بحيث يتم تركيب قفص من الحديد حول التمثال وإحاطته برغوة مطاطية لحمايته، وتركيبه على جسر معلق ليكون مثل “البندول” للسماح بحرية حركة التمثال فى أثناء السير على الصعود والنزول من كوبرى المنيب والطرق المنحدرة. وبالفعل تحرك التمثال الساعة الواحدة مساء وكانت المفاجأة هو حب الناس له ووقوفهم طوال رحلته فى الشوارع والبلكونات لوداعه. حتى وصل صباح اليوم التالى إلى موقعه سليما دون أية مشاكل أو أضرار.

ما هى القطع الأثرية داخل المتحف المصرى الكبير التى تشعر بارتباط بها أو لك ذكرى شخصية معها؟

داخل البهو العظيم هناك يقف عمود الملك “بريمبتاح” خلف تمثال الملك “رمسيس الثانى “ ، هو قطعة فريدة وجميلة اتخذت قرارا بنقله من موقع اكتشافه فى منطقة “ عين شمس” حيث كان ملقى وسط أكوام من الزبالة. نقلته إلى القلعة أولا ثم إلى المتحف الكبير ليكون وسط البهو ويشاهد جماله العالم كله. ومن وجهة نظرى من أجمل قاعات المتحف هو الدرج الملكى العظيم. حيث إن عرض مقتنيات ملكات وملوك مصر بتلك الطريقة الباهرة يجعل منه متحفاً قائماً بذاته.

أحب أن أقول لكل من يسارعون فى وصف الحضارة المصرية بأن عمرها خمسة آلاف سنة أو سبعة آلاف سنة أن الحضارات الإنسانية يتم قياس عمرها بتاريخ استخدامها للكتابة. قبل ذلك هى مجرد تجمعات بشرية. لذا فإن الحضارة المصرية عمرها يعود إلى 5200 سنة. وهى تعتبر أقدم حضارة فى العالم وذلك طبقا للاكتشافات الأثرية التى أثبتت أن الكتابة المصرية فى “أبيدوس” هى الأقدم على مستوى العالم، و أقدم من الحضارة العراقية أيضا

كيف ترى فلسفة العرض المتحفى داخل المتحف الكبير وقاعاته؟

بصراحة ، سيناريو العرض داخل المتحف المصرى وقاعاته باهر ورائع بشكل غير مسبوق. ويكفى أن العالم كله ينتظر افتتاحه كى يشاهد كنوز مصر القديمة التى نرى أعدادا كبيرة منها للمرة الأولى. ويكفى أن نستمتع برؤية مقتنيات مقبرة الملكة “حتب حرس” ومجوهراتها. وهى المقبرة التى تم اكتشافها بالتزامن مع اكتشاف مقبرة الملك “توت عنخ آمون” وبالتالى لم تجد الصدى والاهتمام الذى يتناسب مع جمالها وقيمتها العظيمة. وبالتأكيد ، عرض جميع مقتنيات الملك “توت عنخ آمون” كاملة للمرة الأولى منذ اكتشافها ، يعتبر حدثا عظيما بالنسبة للآثار المصرية.

كنت من المطالبين بنقل مومياء الملك “توت عنخ آمون “ من مقبرته بالبر الغربى إلى داخل المتحف الكبير كى يلحق بمقتنيات مقبرته ، لماذا غيرت رأيك؟

بصراحة عندما زرت قاعة الملك “توت عنخ آمون” المهيبة داخل المتحف وعرض كل مقتنياته البالغ عددها أكثر من خمسة آلاف قطعة شعرت أن المومياء ستضيع وسط تلك الكنوز والمقتنيات. وشعرت أن مكانها الطبيعى داخل مقبرته بوادى الملوك بالأقصر. إلى جانب أن نقلها سيترك مقبرته الملكية فارغة وفقيرة، ولن يكون لها القيمة نفسها التى تمنحها لها المومياء، مما قد يؤثر على أعداد الزائرين لها. وبالفعل عندما أمر وزير السياحة والآثار بتشكيل لجنة علمية لدراسة قرار نقل المومياء الملكية تحت رئاستى. جاء قرارها بالإبقاء على مومياء الملك داخل مقبرته وعدم نقلها.

ما رأيك فى حملات الترويج لافتتاح المتحف الكبير ؟

المتحف المصرى الكبير لا يحتاج إلى حملات ترويج أو دعاية، هناك حالة من الشوق والانتظار لم يحظ بها متحف على مستوى العالم من قبل. وخلال جولاتى العلمية فى أمريكا ، استراليا، أوروبا ، أسيا، ومختلف الدول التى ألقيت فيها محاضرات عبر السنوات الماضية، كان السؤال المتكرر هو : متى يتم افتتاح المتحف الكبير. لذا أعتقد أن يوم 1 نوفمبر هو أهم يوم فى تاريخ المتاحف الأثرية فى العالم.

هل شاركت فى كتابة الكتالوج العلمى الخاص بالمتحف الكبير ؟

بالفعل انتهيت من كتابة الكتالوج العلمى عن مقتنيات الملك “توت عنخ آمون” والتى شارك فيه المصور الإيطالى ساندرو فانيلى. كما أننى تبرعت بكتابة كتالوج أو كتاب علمى عن المتحف ككل، وفى انتظار قرار هيئة المتحف الكبير. هل ستطرح مسابقة مثلا للمشاركة فى كتابة كتالوج المتحف. عموماً أنا قمت بالكتابة عن كل المتحف وقاعاته ومقتنياته بشكل تطوعى ولو مناسباً سأتبرع به لصالح المتحف المصرى الكبير.

هل افتتاح المتحف الكبير سيكون له تأثيرات إيجابية على المستوى العالمى ؟

بالتأكيد، المتحف يمنح العالم فرصة تأمل الحضارة المصرية وما تملكه من كنوز بشكل أكبر.فلا يوجد على مستوى العالم شخص لا يقدس الحضارة المصرية القديمة ويهتم بقراءة تاريخها. عبر رحلاتى حول العالم رأيت أطفالاً أعمارهم لا تتجاوز الست أوالسبع سنوات ، جميعهم لديهم شغف غير طبيعى وعشق لكل ما هو مصرى قديم. من الهرم إلى أبى الهول و المومياوات والملوك. رمسيس الثانى وتوت عنخ آمون. الحضارة المصرية القديمة تحوى روائع لا مثيل لها فى الحضارات القديمة.

ماذا عن المعارض الخارجية للآثار التى تسافر فى جولات داخل عدد من مدن العالم ، هل سنواصل السماح لها خاصة وأن المتحف بات يقوم بهذا الدور فى التأثير والتأمل؟

الحقيقة أن مصر هى الدولة الوحيدة على مستوى العالم التى تقوم بتنظيم إقامة معارض لآثار حضارتها خارج حدودها وتحقق من ورائها فوائد عديدة. أولها تحقيق إيرادات مالية ضخمة.الى جانب الاستفادة السياسية التى تعود على الدولة المصرية. على سبيل المثال قد يحقق معرض خارجى فرصة أن يتقابل رؤساء الدول، أحيانا يتقابل رئيس الدولة مع نظيره الذى تحتضن دولته المعرض. وهو ماحدث مع دول مثل فرنسا وألمانيا لدى استضافتهما لمعارض أثرية. كما أن حالة الحفاوة الصحفية والإعلامية الضخمة التى يحققها المعرض الأثرى فى جميع الصحف والقنوات التليفزيونية العالمية. والتى تمثل دعاية مجانية تشجع على زيادة تدفق حركة السياحة العالمية على زيارة مصر. والأهم أن جميع القطع الأثرية التى تكون ضمن معرض خارجى تخضع لعملية ترميم شاملة قبل السفر وبعد العودة. علاوة على التأمين الذى يحافظ عليها من السرقات. خاصة وأن كل معرض يرافقه أثريون ومرممون وضباط شرطة ويلازمونه طوال وجوده فى الخارج.

هناك اعتراضات متزايدة خاصة بعد واقعة سرقة الأسورة الذهبية من معمل ترميم المتحف المصرى بالتحرير والتى كان مقررا لها السفر ضمن معرض خارجى فى إيطاليا ؟

المعرض قد لا يحوى أكثر من خمسين قطعة أثرية فقط . فى الوقت الذى تملك فيه مصر مئات الآلاف من القطع الأثرية المكررة أو المكدسة داخل المخازن الأثرية. لكن فى حقيقة الأمر ، المعارض الخارجية تمنح البهاء والدعاية الإيجابية لمصر حول العالم. ما أراه من حفاوة وتسابق الناس على

تلك المعارض يجعلنى أشعر بحضارتنا.

ماذا بعد الافتتاح، ما هى أكثر العناصر أو السمات الجاذبة التى تجعل الزائر يعود مرة أخرى لزيارة مصر ومتحفها الكبير؟

المتحف الكبير يحتاج لعدة زيارات. فهو بالفعل متحف كبير. كما أنه يحتضن عدداً من المتاحف التى تستحق الزيارة أو العودة لها مرة تلو الأخرى. مثل متحف الطفل الرائع الملحق به. والأهم هو أن يواصل دوره كمؤسسة ثقافية تعليمية تقوم بتنظيم فعاليات ، محاضرات ، دورات تدريبية ، لقاءات ، ورش عمل، وغيرها من الفعاليات التى تعزز دوره العلمى والبحثى والأثرى والثقافى. بل يمكن له أن يحتضن مختلف الفنون والإبداع الراقية مثل حفلات الموسيقى العالمية ، أو عروض الأوبرا الكلاسيكية. وهو ما أتمناه أن يظل المتحف مكاناً للتاريخ والإبداع الرفيع والثقافة الإنسانية.

وجهة نظرك، كيف ترى مستقبل المتحف المصرى بالتحرير بعد افتتاح المتحف الكبير؟ هل سيتلاشى دوره؟ هل يصبح أكاديمية بحثية لعلم المصريات طبقا لرؤية الوزير الفنان فاروق حسنى ؟

أرى أن هناك ثلاثة متاحف لا يمكن لأى زائر أو سائح شغوف بالحضارة المصرية الاستغناء عن زيارتها ، وهى المتحف المصرى الكبير بكل ما يملكه من كنوز ، والمتحف القومى للحضارة المصرية بالفسطاط حيث يحتضن المومياوات الملكية، المتحف المصرى بالتحرير الذى يحتضن روائع الفن المصرى القديم. خاصة وأن المتحف خضع لأعمال تطوير وبات يملك سيناريو عرض متحفى جميل. لم تعد قاعته مكدسة بالقطع الأثرية والفترينات التى يعلوها التراب. بل يمكن للزائر أن يرى أجمل مقتنيات الدولة القديمة ويشاهد عظمة فنون الحضارة عبر مختلف عصورها. مثل فترة “العمارنة “ ، وكنوز “تانيس” الذهبية، و”يويا وتويا”. فلا يمكن لأى زائر لمصر الاستغناء عن المتحف المصرى بالتحرير.

فكرة الفنان فاروق حسنى تصلح فى حالة أن المتحف تم إخلاؤه بالكامل ولم يعد به قطع أثرية. وقتها يمكن أن نعيد استخدام مبناه كأكاديمية لتدريس علم المصريات. لكن المتحف بالتحرير لايزال قائما ويحتضن كنوزا لا مثيل لها وتعتبر زيارته أساسية للتعريف بالحضارة المصرية القديمة.

كنت أتمنى أن نؤسس تلك الأكاديمية العلمية فى مدينة الأقصر كى تكون فى قلب عاصمة الدولة الحديثة وما تملكه من معابد ومقابر

بعد افتتاح المتحف الكبير هل سنتوقف عن بناء المتاحف؟ خاصة وأن فى مصر أكثر من 300 بعثة علمية تقوم بأعمال حفائر علمية وتحقق اكتشافات أثرية ؟

أولاً :الحفائر الأثرية هى علم وكل جامعات لديها قسم متخصص فى علم المصريات. ونحن فى مصر لا نستطيع أن نحرمهم من القدوم إلى أرض مصر للقيام بحفائرهم العلمية والبحثية. وما تقوم به البعثات العلمية سواء أجنبية أو مصرية من حفائر واكتشافات أثرية من شأنه إعادة كتابة تاريخ مصر القديم. وأن أية قطعة أثرية يتم العثور عليها يجب أن يكون مستقرها داخل المتحف المصرى بالتحرير حتى يظل حيّا ومتجددا ويقدم الجديد لزواره. مع العلم أن أعداد القطع الأثرية التى تصلح للعرض داخل المتاحف ليست كبيرة. بمعنى أنه من الممكن أن تعثر بعثة علمية وسط حفائرها على آلاف القطع لكنها لا تصلح للعرض. فالمتاحف تعرض التماثيل الجميلة أو الفريدة أو الملكية. وعلى سبيل المثال لدينا مشكلة فى العرض المتحفى داخل المتحف الآوانى بالمنيا. فهو متحف ضخم يحكى تاريخ عائلة الملك “أخناتون” وفترة العمارنة ويحتاج لعدد كبير من القطع الأثرية. وهو أمر صعب نظرا لأن القطع التى تصلح للعرض المتحفى غير كافية. وهى المشكلة التى واجهتنا عندما قمنا ببناء 22 متحفاً. مصر تملك ملايين القطع الأثرية لكن من يصلح منها للعرض عدده قليل.

قبيل افتتاح المتحف المصرى الكبير بساعات معدودة، هل تعتقد أن أخبار سرقة المتحف المصرى بالتحرير أو أية أخبار سلبية قد تؤثر على الصورة الإيجابية المطلوبة لمصر؟

أولاً المتحف المصرى الكبير لا يحتاج إلى دعاية أو حملات ترويج. هو أعظم مشروع ثقافى فى القرن الحادى والعشرين وأكبر متحف متخصص فى الآثار المصرية القديمة. لا مثيل له فى العالم. الوحيد الذى يعرض قصة حضارة واحدة فقط. يعرض مقتنيات الملك توت عنخ آمون كاملة. كما أنه يعرض عدداً ضخماً من القطع الأثرية للمرة الأولى. كما يقوم بعرض قطع أثرية بطريقة مختلفة وجديدة باستخدام وسائل وطرق عرض متحفية جديدة ومبتكرة. كل شيء داخل المتحف الكبير مختلف ومبتكر ويستحق أن ينال مكانته الرفيعة وسط المتاحف العالمية. ومن وجهة نظرى أنه يتفوق عليها جميعاً. فلا يوجد متحف نال نصيبه من الدعاية مثله. وهو الامتداد الطبيعى والتاريخى للمتحف المصرى القديم بالتحرير. وعندما تقع حادثة سرقة فإنها لا تؤثر على الإطلاق خاصة وأن جميع متاحف العالم معرضة للسرقة. ويكفى أن مصر هى الدولة الوحيدة التى تملك شرطة خاصة بالسياحة والآثار.

 
 
 
 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة