رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

د. أحمد غنيم.. الرئيس التنفيذى لهيئة المتحف: «جوهرة التاج» مصر تستعيد ريادتها لعلم المصريات والآثار


31-10-2025 | 18:08

الدكتور أحمد غنيم الرئيس التنفيذى لهيئة المتحف المصرى الكبير

طباعة
حوار: أمانى عبد الحميد

تلك ليست المرة الأولى التى أحاور فيها الدكتور أحمد غنيم الرئيس التنفيذى لهيئة المتحف المصرى الكبير. جلست معه عدة مرات بعدما تولى مسؤولية المتحف القومى للحضارة المصرية بالفسطاط. وهو رجل الاقتصاد الذى دخل عالم المتاحف بثقة العالم بالتحليل والأرقام. ونجح فى تحويله إلى نموذج اقتصادى متوازن، وجعل من قاعة المومياوات الملكية حدثا عالميا. واليوم، وهو يقف على أعتاب افتتاح المتحف المصرى الكبير فى الأول من نوفمبر، يبدو أن الرجل جاء ليؤكد أن المتاحف يمكن أن تكون أيضا مؤسسات إنتاج لا مؤسسات إنفاق.

ونحن ننتظر الافتتاح الرسمى لأكبر وأهم متحف يحكى تاريخ الحضارة المصرية، ما هى الرسائل التى يحملها المتحف المصرى الكبير ؟ هل تتجاوز حدود الثقافة إلى الاقتصاد والسياسة؟

المتحف المصرى الكبير لا يعكس فكرة تاريخ الحضارة المصرية القديمة فقط بل هو كما قال الرئيس هو هدية مصر للعالم مما يحمل كثيرًا من المعانى. على المستوى السياحى يعنى زيادة حركة السياحة العالمية المتدفقة إلى مصر وتضاعف الزوار الأجانب وعلى المستوى الثقافى يمثل المتحف منارة حضارية تقوم بأدوار متعددة مثل البحث العلمى والحفاظ على التراث والهوية الوطنية ودور فى الأثر نظراً إلى كونه مؤسسة اقتصادية وفقاً للقانون هو هيئة اقتصادية مستقلة لا يُحمل خزانة الدولة أعباء مالية واقتصادية. كما يحمل المتحف رسالة سياسية أيضا فهو دليل على أن مصر لديها قوى ناعمة وتجمع بين الحداثة والحفاظ على التراث. ويُبرز قوة مصر الناعمة بجميع مناحيها. وبالتأكيد كل ذلك إلى جانب دوره الأساسى فى عرض آثار الحضارة المصرية القديمة.

بما أنك لست أثريا، لكنك تقود واحدا من أكبر المشاريع الثقافية فى العالم كيف ساعدت خلفيتك الاقتصادية فى إدارة هذا المشروع؟

صحيح أننى رجل اقتصاد لكننى والحمد لله شرفت بالعمل كمستشار ثقافى يمثل مصر فى ألمانيا والنمسا منذ عام 2014 وحتى 2018 وسبب اختيارى بالأساس لأننى رجل اقتصادى ذو خلفية ثقافية. وهذا هو المطلوب. دورى هو تحقيق التوازن بين الإدارة الاقتصادية والإدارة الثقافية نظرا لطبيعة المؤسسة المتحفية. الحمدلله قمت بدورى فى إدارة المتحف القومى للحضارة المصرية واليوم أقوم بدورى فى إدارة المتحف المصرى الكبير وتحقيق الموازنة بين مختلف الأمور خاصة وأنه أيضا مؤسسة اقتصادية ثقافية وإدارتها تحتاج إلى أن تكون قادرا على الوقوف بشكل ثابت اقتصاديا وماليا إلى جانب الحفاظ على الثقافة والتراث. والمطلوب هنا تحقيق التوازن بين الجانبين. ففى بعض الأمور أو المواقف قد لا يجتمعان. أحياناً يكون أمر قد يحقق عائداً ماديا جيدا لكنه قد يُسيء للجانب الأثرى أو ليس لديه عائد ثقافى أو أمر قد يكون جيدا للترويج الثقافى لكنه قد يكون لا يدر عائدا اقتصاديا. تحقيق التوازن بين الجانبين هو شغلى الشاغل. بالإضافة إلى أننى أحاول البحث عن مصادر تحقق دخلا ماليا للمتحف حتى لا نقوم بتحميل ميزانيته كمؤسسة أكثر مما تحتمل. أو محاولة الترويج للثقافة والحضارة بالمعنى الواسع وليس فقط الآثار. حيث إنها تحتضن مفاهيم التراث المادى وغير المادى. ومنها كل ما يتعلق بالحضارة المصرية من خلال الفن والثقافة مثل الكتب والموسيقى وغيرها.

كثيرون يربطون اسمك بفكر إدارى جديد فى عالم المتاحف كيف تختلف رؤيتك عن الرؤية التقليدية؟

الاختلاف فى الرؤية يعتمد على اعتبار أن الآثار هى شيء حى وليس ساكناً أو ثابتاً .لذا نهتم بإقامة الفعاليات المناسبة حتى يأتى الزائر أكثر من مرة. نعمل على خلق أجواء جاذبة للزوار بشكل مختلف فى كل زيارة. باستخدام التكنولوجيا الحديثة، الاهتمام بالأطفال، فعالية فنية ثقافية متنوعة، إلى جانب توفير وسائل الراحة والترفيه مثل إقامة المطاعم والمحال خاصة التى ترتبط بمفاهيم التراث والآثار والثقافة وليست بعيدة عنها.

وهو ما حاولت تحقيقه داخل المتحف القومى للحضارة المصرية من قبل. وهو ما أحاول تطبيقه داخل المتحف الكبير على نطاق أوسع بشكل يتناسب مع خصوصيته.

كيف سيختلف المتحف المصرى الكبير عن المتاحف التقليدية فى القاهرة والعالم؟

بالتأكيد المتحف المصرى الكبير هو مختلف عن غيره تماما فهو الأكبر على مستوى العالم الذى يحكى تاريخ الحضارة المصرية القديمة وهذا اختلاف جذرى. كما أن مساحته كبيرة جدا بشكل غير مسبوق.يمثل خمسة أضعاف متحف الميتروبوليتان بنيويورك وضعفى متحف اللوفر بباريس وضعفى المتحف البريطانى.

كما أن مساحة العرض تتجاوز مساحة أربعة ملاعب لكرة القدم . حجم شاسع ، طريقة العرض المتحفى مختلفة تماما، سمات المعمار مختلفة عن غيره من متاحف العالم. كلها ملامح تجعل منه متحفا متفردا لا يضاهيه أى من متاحف العالم. علاوة على تجربة الزائر المميزة وعدد الخدمات المقدمة والتجارب التى يخوضها داخله. المطلوب هو تقديم تجربة متفردة وليس فقط زيارة متحف فقط.

ما الرؤية الاستراتيجية التى تتبناها هيئة المتحف المصرى الكبير على المدى القريب والبعيد؟

المتحف المصرى الكبير هو “متحف المتاحف” و”جوهرة التاج” فى منظومة المتاحف المصرية. أكبر متحف فى العالم مخصص لحضارة واحدة، هى الحضارة المصرية القديمة. ويجسد الصرح الحضارى الفريد رؤية طموحة تسعى إلى استعادة ريادة مصر فى مجال علم المصريات والآثار، وتحويل المتحف إلى منارة علمية وثقافية متكاملة. ولا يقتصر دور المتحف على عرض كنوز الحضارة المصرية فحسب، بل يمتد ليشمل مركزًا عالميًا للترميم والبحث العلمى، يهدف إلى ترسيخ مكانته كمركز إقليمى ودولى فى مجال الدراسات الأثرية، بما يتيح للباحثين والعلماء من مختلف دول العالم التفاعل مع هذا التراث الإنسانى الفريد.

كما يسعى المتحف لأن يكون منصة ثقافية متكاملة، تُقدم التراث المصرى بأسلوب عصرى يربط بين الماضى العريق والحاضر، ويُبرز ثراء الحضارة المصرية على الساحة العالمية. ويأتى ذلك انسجاماً مع الهدف الأساسى من إنشائه، كما ورد فى قانونه التأسيسى، بأن يتحول إلى مركز حضارى شامل، يجمع بين الأبعاد العلمية والتعليمية والثقافية والتراثية، ويُسهم فى تعزيز مكانة مصر كمركز عالمى لعلوم الآثار والمصريات.

البعض قد يخشى أن يؤدى الطابع التجارى إلى تغليب الربح على القيمة الثقافية، كيف ترى ذلك؟

التخوف من تغليب الطابع التجارى على الطابع الثقافى تخوف مشروع وموجود بالفعل. أعتقد أن هذا هو دورى الأساسى فى إدارة المتحف الكبير وهو تحقيق التوازن. كما أن المتحف به إدارة يتولاها القطاع الخاص لكنها تخضع لاشتراطات مؤسسة المتحف بحيث لا تكون هناك أنشطة لا تتماشى مع طبيعة المتحف أو تتعارض معها. لذا هناك دوماً حرص شديد للحفاظ على الجانب الثقافى للمتحف وضبط الأمور بشكل عام. على سبيل المثال لو هناك حدث أو فعالية ما فإن الموافقة على إقامتها هو عدم الإضرار بالجانب الثقافى أو بهوية المتحف ومكانته. وتلك هى طبيعة الدور الذى أقوم به.

كيف تحقق التوازن المطلوب بين كونك اقتصاديا وبين مسؤوليتك عن كيان يحمل إرثا إنسانيا؟

الاقتصاد ليس معناه بالضرورة تعظيم العائد الاقتصادى فقط. لكنه يندرج على تعظيم العائد على مدار الوقت او الزمن. أى أن التفكير ليس قصير الأجل لكنه يعتمد بشكل أساسى على التفكير طويل المدى. لذا نحن بالفعل نرفض أشياء قد تدر عائدا فى الوقت الحالى لكنها تمثل ضررا على المدى البعيد. نحن نروج للثقافة والتراث بشكل مختلف محبب للزوار. ونربط التراث بالاقتصاد وهذا هو الدور الأساسى الذى نقوم به.

شهد المشروع تعاونا مع عدد من الدول والمؤسسات العالمية ما أبرز الشراكات التى أثرت فى إنجازه؟

أبرز الشراكات كانت مع الجانب اليابانى. البداية كانت مع القرض المالى الكبير إلا ان هناك أوجه تعاون فنى تقدمها اليابان على هيئة معامل الترميم وعلى سبيل التحديد داخل متحف مراكب الملك خوفو. كما أنهم يقدمون مساندة فنية فى مجال الإدارة الآن.

كما بدأت مجموعة من الشراكات مع مجموعة من المراكز البحثية العلمية العالمية منها جامعات بعضها فى اليابان وبعضها فى أوروبا لكننا نهتم ونركز على الفائدة التى قد تعود على المتحف . بالإضافة إلى أننا قد نعقد شراكات تعاون مع جهات علمية أخرى بحيث يقوم المتحف بتقديمها كإتاحة فرص الدعم والتدريب داخل المتحف والتى من شأنها تحقيق عائداً ماديا. وبالفعل قمنا بذلك خلال الفترة الحالية مع بعض الدول العربية. وهذا دور مهم من ادوار المتحف كمنارة ثقافية حضارية.

هل يخطط المتحف لإطلاق برامج تبادل ثقافى أو معارض متنقلة بعد الافتتاح؟

هذا شيء لايزال غير مطروح لأنه حق أصيل للمجلس الأعلى للآثار. كما أن فكرة استضافة معارض من الخارج ليست مطروحة الآن. و افتتاح المتحف قد يستمر لفترة تمتد إلى خمس سنوات قبل التفكير فى إقامة معارض جديدة داخله خاصة أن عدد القطع المعروضة كبير ويحتاج لوقت لتأملها قبل التفكير فى إضافة المزيد إليها. أما برامج التبادل الثقافى نحن نقوم بها حاليا بشكل مستمر. هناك تعاون مع دول مثل فرنسا واليابان وغيرهما.

كيف تنظرون إلى دور المتحف المصرى الكبير فى الدبلوماسية الثقافية لمصر، خصوصا فى ظل التنافس العالمى على القوة الناعمة؟

أعتقد أننى قلت من قبل أن المتحف يحمل كثيرًا من المعانى الجميلة ويقوم بالتركيز على قوة مصر الناعمة فى كثير من الأمور ومنها الدبلوماسية الثقافية والاقتصاد والسياحة والسياسة مع إبراز المتحف بشكل يجعل مصر تتبوأ قمة المجال الثقافى الدبلوماسى وهى تستحق ذلك.

وهل فوز الدكتور خالد العنانى بمنصب مدير عام اليونسكو سيكون له تأثير؟

بالتأكيد، سيساهم فى تدعيم دور مصر كدولة رائدة فى مجالات حماية التراث والآثار والثقافة. قد تقوم كثير من دول العالم فى منافسة مصر ماليا واقتصاديا لكنها فى مجال التراث والحضارة فإن مصر هى بلد متفرد لا يمكن لأحد منافستها على تلك المكانة سوى دول قليلة جدا من أصحاب الحضارات القديمة وسط دول العالم.

كيف تحولت إدارة المتحف المصرى الكبير من مجرد مؤسسة خدمية إلى نموذج اقتصادى مستدام يعتمد على الإدارة الذكية للموارد؟

حقيقة مسألة المستدامة هو جزء أساسى من استراتيجية إدارة المتحف سواء مالية ، وهو ما تم بالتعاقدات والقطاع الخاص لإدارة منطقة الخدمات وتشغيل المتحف كنوع من الاستثمار فى بعض الأحيان.

وفى مجال الاستدامة البيئية حصل المتحف على أكثر من شهادة تؤكد وتركز على الاستدامة البيئية. كما أن المتحف يملك عدداً من محطات توليد الطاقة من الطاقة الشمسية ومحطات لتنقية الهواء ، علاوة على استخدام وسائل لترشيد استخدام المياه وفصل القمامة. كما وقعت إدارة المتحف مع وزارة البيئة لتحقيق الاستدامة والمشاركة فى تطبيق الحياد الكربونى. كما حصلنا على ذلك خلال العامين السابقين. ومستمرون فى بذل هذه الجهود .كما أن المتحف يطبق فكرة الاستدامة على مفهوم الحوكمة، فهو هيئة اقتصادية مستقلة تتبع وزارة السياحة والآثار ويملك مجلس أمناء برئاسة رئيس الجمهورية. لذا فالمتحف به نظام حوكمة قوى يجعله قادراً على الاستمرار بشكل فعال كى يكون دوما مصدرا للفخر والاعتزاز إلى جانب دوره كمصدر كبير فى زيادة الموارد المالية للدولة فى مختلف المجالات سواء فى مجال السياحة أو مجالات تشغيل المشروعات الصغيرة والمتوسطة حيث يحتضن المتحف كثيرًا من منتجاتهم اليدوية والتراثية والثقافية داخل منطقة الخدمات والمحال التجارية.

ما أبرز مصادر التمويل الذاتى التى سيعتمد عليها المتحف بعد الافتتاح؟

المتحف يعتمد فى تغطية مصاريف التشغيل من خلال إيرادات التذاكر بالأساس مع الفعاليات وإيجار المحال التجارية ومنافذ البيع هى من مصادر التمويل أيضا. بالإضافة إلى إنشاء مؤسسة أهلية فى المستقبل يكون دورها دعم المتحف بأفكار تحقق له عائدات مالية وخلق مصادر للتمويل جديدة.

وهل هناك خطة لتحقيق الاكتفاء المالى دون الاعتماد الدائم على الموازنة الحكومية؟

الهدف الأساسى هو عدم الاعتماد على موازنة الدولة. أحيانا، خلال الفترة الأولى قد يعتمد على الدولة إلى حين وضع اللوائح المنظمة .

إلى أى مدى يُعد المتحف المصرى الكبير بوابة لجذب الاستثمار الثقافى والسياحى إلى مصر؟

المتحف فى حد ذاته مثال كبير على قدرة الدولة المصرية على إقامة منارة ثقافية عالمية على مستوى رفيع. وهى نموذج للتعاون مع القطاع الخاص، ونموذج على الاستدامة المالية والبيئية، مما يجعل المتحف عنصرا جاذبا للاستثمار فى مجالات القوى الناعمة فى مصر.

تقريبا، ما هى أعداد الفعاليات التى احتضنها المتحف خلال فترة التشغيل التجريبى ؟

هناك العديد من الفعاليات الثقافية والفنية والموسيقية والتربوية والتوعوية التى تتم داخل المتحف من بينها فعاليات ينظمها المتحف وأخرى يستضيفها المتحف. وبالنسبة للفعاليات التى ينظمها المتحف أو يشارك فى تنظيمها خلال فترة الافتتاح التجريبى بلغت حوالى ما بين خمس وست فعاليات كل شهر تقريبا.

هل تختلف خطة تشغيل المتحف الكبيرعن غيرها من النماذج المتبعة داخل المتاحف العالمية الكبرى؟

يعتمد المتحف المصرى الكبير نموذج تشغيل مبتكرا يختلف عن الأسلوب التقليدى المتبع فى إدارة المتاحف العالمية، حيث يقوم القطاع الخاص بإدارة وتشغيل جميع الخدمات المقدمة للزائرين، فى حين تتولى هيئة المتحف الإشراف الكامل على هذه الخدمات لضمان تنفيذها بأعلى معايير الجودة والكفاءة. ويمثل هذا النموذج نقلة نوعية فى منظومة المتاحف المصرية، ويعكس توجهاً نحو تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لضمان تقديم تجربة متكاملة ومتميزة للزائرين. ويُسهم هذا الأسلوب أيضاً فى تحقيق الاستدامة المالية للمتحف، من خلال تقليل الأعباء على الموازنة العامة للدولة، دون المساس بجودة الخدمات أو فاعلية التشغيل. ويجرى التعاون بين هيئة المتحف والجهات الخاصة المشغلة للخدمات فى إطار من التكامل والرقابة الدقيقة، بما يضمن نجاح هذا النموذج الجديد وترسيخه كنموذج يُحتذى به فى إدارة المؤسسات الثقافية الكبرى فى مصر.

من وجهة نظرك ، كيف ساهم التشغيل التجريبى فى تحسين تجربة الزيارة للمتحف المصرى الكبير؟ وهل ساهم فى الترويج للمتحف قبل الافتتاح؟

بالتأكيد ساهم التشغيل التجريبى للمتحف بشكل فعّال فى استخلاص العديد من المؤشرات المهمة لتحسين تجربة الزائر. وأتاح الفرصة لاختبار آليات التعامل مع أوقات الذروة، من حيث توزيع المرشدين السياحيين وتوفير العدد الكافى من السماعات، إلى جانب تنظيم الجوانب اللوجستية المتعلقة بحركة الزائرين، مثل التنقل عبر عربات الجولف من البوابة الخارجية إلى داخل المتحف، وتحديد أماكن التجمع المناسبة. كما شمل التشغيل التجريبى التحقق من كفاءة أنظمة الإضاءة، ودرجات الحرارة والرطوبة داخل فتارين العرض أثناء وجود الزائرين، بما يضمن الحفاظ على القطع الأثرية فى أفضل الظروف. وقد ساعد هذا الاختبار الواقعى فى رصد الدروس المستفادة واكتشاف أى جوانب بحاجة إلى تحسين قبل الافتتاح الرسمى الكامل.وبالرغم من أن عدد الزوار خلال هذه المرحلة لم يكن كبيرًا، إلا أنه شكّل فرصة مثالية لتقييم الأداء وطلب تعزيزات فى المعدات أو زيادة فى الكوادر، بالإضافة إلى رفع كفاءة بعض العناصر البشرية من خلال التدريب المستهدف، سواء لفرق الضيافة أو أفراد الأمن والمشرفين، بما يضمن تحقيق أعلى معايير الراحة للزائر والسلامة للأثر.

كم من المتوقع أن يبلغ حجم حركة السياحة والزيارة للمتحف بعد الافتتاح ؟ وهل سيكون العمل بنظام الطاقة الاستيعابية أم الحد الأقصى؟

يتراوح متوسط عدد الزائرين اليومى حاليا بين خمسة آلاف إلى ستة آلاف زائر، مع تباين ملحوظ تبعا للظروف الجوية والموسمية، وكذلك فى فترات العطلات الرسمية والأعياد. ومن المتوقع أن تشهد أعداد الزائرين ارتفاعاً كبيراً بعد الافتتاح الرسمى الكامل للمتحف، لتتراوح ما بين 15 ألفا إلى 20 ألف زائر يوميا، مما يعكس حجم الإقبال المنتظر وأهمية الاستعداد اللوجستى والبشرى لهذا التحول.

كيف يمكن تحويل المتحف إلى مركز إقليمى للبحث العلمى فى علوم المتاحف والترميم؟

فى الحقيقة هو مركز عالمى للترميم بالفعل هو يحوى كثيرًا من فعاليات التى تعزز مكانته كمركز عالمى وليس إقليميا فقط للترميم والبحث العلمى .

ما هى الخطط المعتمدة لتعزيز تجربة الزائر داخل المتحف؟ هل هناك استخدام لتقنيات الواقع المعزز أو الذكاء الاصطناعي؟

يعتمد المتحف المصرى الكبير على أحدث تقنيات العرض المتحفى لإثراء تجربة الزائر داخل قاعاته الرئيسية، من خلال استخدام التكنولوجيا التفاعلية والعرض الرقمى المتقدم. وتتيح هذه التقنيات للزائرين التفاعل مع محتوى غنى ومشوق، حيث تضم القاعات محاكاة رقمية دقيقة لمقابر من عصر الدولة الوسطى، تعرض تفاصيل الحياة اليومية للمصرى القديم من زراعة ورعى وصيد وغيرها، بما فى ذلك رسومات الجدران الأصلية وتصميمات المقابر.

ومن بين أبرز التطبيقات التقنية داخل المتحف، قاعة مخصصة لتقنية الواقع المختلط (HoloLens)، والتى تتيح للزائر — عبر نظارات خاصة — التفاعل مع عناصر افتراضية تظهر ضمن البيئة الحقيقية، بما يسهم فى تقديم موضوعات تاريخية بشكل مبتكر، مثل تطور أساليب الدفن فى مصر القديمة منذ البئر وحتى بناء الهرم، فى سرد بصرى تفاعلى يعزز من الفهم ويثير الفضول.

كما تتضمن قاعات الملك توت عنخ آمون عروضا تفاعلية متميزة، تشمل محاكاة لمقبرته وسردا بصريا مشوقا لقصة اكتشافها. إلى جانب عرض رقمى لمجموعة من أبرز القطع الأثرية التى عُثر عليها داخل المقبرة. ما يمنح الزائر تجربة غامرة وشاملة تعيد إحياء لحظة تاريخية نادرة. هذا بالإضافة إلى الشاشات الرقمية الموجودة بالبهو تسمح بالتصوير الشخصى وتعرض معلومات عن المتحف ومحتوياته.

ماذا عن الأجيال الجديدة، وتقديم خدمات التعليم واستخدام التقنيات الرقمية؟

لدينا متحف خاص بالطفل يعتمد أسلوب “ التعليم عبر الاستمتاع المعرفي”. علاوة على كثير من وسائل التكنولوجيا الحديثة التى تقوم بالتعليم بأشكال مختلفة والتفاعلية كى يستمتع الأطفال بحضارتهم بشكل أفضل ومختلف عن الطرق التقليدية.

كيف استعد المتحف لاستقبال ذوى الهمم ؟

يحرص المتحف المصرى الكبير على أن يكون نموذجاً رائداً فى توفير بيئة شاملة تُمكّن جميع الزائرين من خوض تجربة ثقافية متكاملة، بمن فى ذلك ذوو الهمم من مختلف فئات الإعاقة. فقد تم تزويد المتحف بكافة التجهيزات اللازمة للسياحة الميسرة، حيث تم تصميم ممرات مخصصة تسهّل حركة الكراسى المتحركة، وتوفير دورات مياه مجهّزة خصيصاً لتلبية احتياجاتهم. وفى إطار دعم ذوى الإعاقة البصرية، تم توفير بطاقات شرح بطريقة برايل داخل قاعات العرض، ويجرى العمل حالياً على إعداد كتالوج شامل للمتحف باللغة نفسها، بما يضمن دمجاً كاملاً وتمكيناً حقيقياً لجميع الزائرين دون استثناء.

ما الخطوات القادمة فى أعقاب الافتتاح ؟ هل سيكون هناك توسعات او مشروعات فرعية فى الأفق؟

بالتأكيد،هناك توسعات فالمتحف لايزال ينقصه بعض الأمور خاصة فيما يتعلق بالفعاليات. وقاعات العرض جاهزة لكن يحتاج بعض الخدمات الأخرى التى قد تدخل فى مجال الاستدامة والاستثمار.

ماذا عن المنطقة المحيطة بالمتحف ؟ كيف سيكون شكلها النهائى ، خاصة وأن المتحف بات جزءا أصيلا من منطقة أهرامات ملوك الدولة القديمة والجبانة الملكية؟

المتحف المصرى الكبير هو الهرم الرابع الذى يستكمل بلاتوه هضبة أهرامات الجيزة. وفى إطار خطة الدولة لتطوير المنطقة المحيطة بالمتحف المصرى الكبير بما يليق بمكانته العالمية وما يضمه من كنوز أثرية فريدة تجسد عراقة الحضارة المصرية، أقر مجلس الوزراء بتكليف أحد المكاتب المتخصصة لإعداد مخطط عمرانى متكامل للمنطقة، يشمل تطوير المعالم السياحية والفنادق والمواقع الأثرية المجاورة، وعلى رأسها منطقة أهرامات الجيزة، بما يؤهلها لأن تكون وجهة سياحية متكاملة على أعلى مستوى. حتى لا يكون هناك عشوائية فى الإنشاءات المحيطة.

سيكون هناك مناطق مخصصة للفنادق وأخرى للتنزه كى تكون المنطقة جاذبة للسياحة والاستثمار. وتركّز الرؤية المستقبلية للمنطقة على تعزيز مستوى الخدمات السياحية المقدمة للزائرين، من خلال التوسع فى البنية الفندقية وزيادة عدد الوحدات الفندقية، إلى جانب تطوير منطقة نزلة السمان، ودراسة إنشاء نُزل سياحية تستجيب لاحتياجات السائحين وتثرى تجربتهم. وتشمل أعمال التطوير تحسين البنية التحتية وتجهيز المنطقة بكافة العناصر الداعمة لتجربة سياحية متميزة، بدءاً من أعمال التشجير، وتحديث منظومة الإضاءة، وتنفيذ الأعمال المدنية، وصولاً إلى تركيب لافتات إرشادية واضحة لتسهيل حركة الزوار وضمان انسيابيتهم داخل المنطقة. وبالفعل تم تنفيذ الممشى السياحى الذى يربط بين المتحف ومنطقة أهرامات الجيزة، والذى سيكون مخصصا بالكامل لحركة المشاة وعربات الجولف، بما يعزز من سهولة التنقل ويوفر تجربة مريحة وآمنة للزائرين.

ما أصعب قرار اتخذته خلال إدارتك للمتحف المصرى قبيل افتتاحه؟

الحقيقة أن كل القرارات صعبة لأنها تمس كيانا متحفيا عظيما . كما أن هناك حسابات عديدة وجب مراعاتها قبل اتخاذ أى قرار سواء كانت قرارات إدارية ، مالية ، سياسية. كثيرا أرفض فعاليات من شأنها توفير عائدات مالية كبيرة لكنى أرفضها نظرا لوجود احتمالات ولو بسيطة قد تمس الحضارة المصرية والثقافة ومكانة هذا الصرح المتحفى ويتم رفضها على الفور.

ماذا تحب أن يتذكرك الناس بعد الافتتاح ؟ رجل إدارة ناجحاً أم رجلاً جعل من المتحف المصرى الكبير مؤسسة حية تنبض بالثقافة؟

أرجو من الله والناس أن يتذكرونى أننى أبذل قصارى جهدى وأتشرف أننى جزء من المنظومة التى تعمل على نجاح أكبر مشروع ثقافى فى القرن الواحد والعشرين ويقع على عاتقى مسؤولية كبيرة وأحاول أن أعمل على أن أحقق الأهداف المرجوة كلها مع زملائى وتحت قيادة الوزير والذى يساندنى فى كل خطوة.

ما الملامح العامة لحفل افتتاح المتحف المصرى الكبير؟

هناك استعدادات مكثفة بالتنسيق مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، المسؤولة عن تنظيم حفل افتتاح المتحف المصرى الكبير، وذلك فى إطار تعاون وثيق وتواصل يومى لمتابعة مستجدات الأعمال والتجهيزات الجارية داخل المتحف، إلى جانب تنسيق الجوانب اللوجستية لضمان الانتهاء من كافة التحضيرات فى الوقت المحدد وبأعلى مستوى من الكفاءة. كما وجّه وزير السياحة والآثار بتشكيل لجنة مصغّرة من داخل الوزارة، تتولى مهام المتابعة المباشرة مع الشركة، والعمل على تذليل أى عقبات قد تواجه تنفيذ الحفل، بما يضمن نجاح هذه المناسبة الاستثنائية التى تليق بمكانة المتحف ودوره العالمى.

 
 
 

أخبار الساعة