رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

هل من مشروع قومى لإحلال الطاقة الشمسية محل السولار؟


27-10-2025 | 11:39

.

طباعة
بقلـم: غالى محمد

أيًّا كانت معدلات ارتفاع أسعار المنتجات البترولية التى تمت مؤخرا، فالملاحظ أن معدل الزيادة التى تمت فى السولار هى ذات معدلات الزيادة فى البنزين بأنواعه الثلاثة، من بنزين 95 وبنزين 92 وبنزين 80، إذ بلغت الزيادة نحو جنيهين فى اللتر.

كما بلغت الزيادة فى لتر السولار جنيهين أيضًا، وكانت معدلات الزيادة فى لتر السولار من قبل عادة أقل من معدل الزيادة فى أنواع البنزين الثلاثة.

 

كان يحدث ذلك؛ نظرا لتأثيرات الزيادة فى أسعار السولار على أسعار كافة السلع والخدمات فى الأسواق وتعريفة وسائل النقل المختلفة.

وأيًّا كان الهدف من المساواة فى معدل الزيادة فى أسعار السولار وأسعار أنواع البنزين الثلاثة، فهذا لا يمنع أن هناك خصوصية للسولار فى كافة مناحى الحياة فى مصر المحروسة.

ومن ثم، فإن معدلات استهلاك السولار أصبحت تتخطى الحدود، والمثير أنه لا يوجد أى توجه من كافة المسئولين خاصة فى قطاع البترول لكبح جماح استهلاك السولار، الذى نستورد كميات كبيرة منه للاستهلاك المحلى فى كافة المجالات، سواء الاستهلاكية، أو فى مشروعات التنمية.

ومع التزايد المخيف فى استهلاك السولار، فى وقت يمكن خفض معدلات هذا الاستهلاك، وإحلال الطاقة الجديدة خاصة الطاقة الشمسية محله فى الكثير من المجالات، إلا أنه بكل أسف لا يوجد أى تصور أو خطة لخفض معدلات استهلاك السولار من جانب مختلف المسئولين، علما بأن خفض معدلات استهلاك السولار، وإحلال الطاقة الجديدة محله، سوف يحققان الكثير من العوائد للاقتصاد القومى ولمشروعات التنمية.

ويأتى فى مقدمة هذه العوائد، أن خفض استهلاك السولار سوف يؤدى إلى خفض قيمة واردات المنتجات البترولية بأرقام كبيرة، كما أن هذا الخفض فى استهلاك السولار سوف يؤدى إلى تراجع كبير فى الدعم الذى يعد بالمليارات للسولار.

ليس هذا فقط، بل إن خفض استهلاك السولار، كمية وقيمة، سوف يحد من معدلات الزيادة فى أسعاره عند أى زيادات فى أسعار المنتجات البترولية حتى لو بعد عام، كما أعلنت الحكومة.

وهذا فى حد ذاته، يحد من أى زيادات فى أسعار السلع والخدمات ووسائل النقل التى تحدث جبرًا نتيجة الزيادة فى أسعار السولار.

وهنا يأتى السؤال: لماذا لا تكون هناك خطة قومية لخفض استهلاك السولار من خلال إحلال الطاقة الجديدة محله؟

وإجابة عن هذا السؤال، فإننا سوف نتحدث تفصيلا فى هذا المقال عن كيفية التحرك لخفض استهلاك السولار من خلال إحلال الطاقة الشمسية محله، وليس فى هذا بدعة، بل هذا ما تفعله كافة الدول، خاصة مع التقدم التكنولوجى الكبير فى إنتاج الطاقة الشمسية.

ولتكن البداية من خفض استهلاكه من داخل قطاع البترول نفسه الذى ينتج هذا النوع من الوقود فى معامل التكرير المحلية أو يستورد جزءا كبيرا منه.

فواقع الحال، ومنذ سنوات طويلة، يقول إن كافة المواقع البترولية تستهلك كميات كبيرة من السولار فى وحدات الديزل لتوليد الكهرباء، سواء لمعسكرات الإعاشة أو لإنتاج الزيت الخام أو الغاز الطبيعى من الآبار المختلفة.

وبغض النظر عن نقل كميات السولار المستهلكة فى تلك المواقع البترولية، سواء فى الصحراء أو فى المواقع البحرية، فمن الصعب حصر الكميات المستخدمة فى تلك المواقع، والتى أصبحت تمثل عبئا على استهلاك المنتجات البترولية داخل قطاع البترول.

والمثير أن كافة المواقع البترولية تنتشر فى الصحراء أو فى البحر، حيث سطوع الشمس فترات طويلة.

وباستثناء حالات محدودة الاعتماد على الطاقة الشمسية فى إنتاج الزيت الخام من بعض الآبار فى الصحراء، بدلا من الاعتماد على الكهرباء المولدة من وحدات الديزل اعتمادًا على السولار، كما فعلت شركة التنمية للبترول، فلا يوجد أى خطة حقيقية بقطاع البترول لخفض استهلاك السولار فى مختلف المواقع البترولية.

وهذا ليس من قبيل العواطف أو الشعارات، ولكن باللغة الاقتصادية، فقد آن الأوان لنشر الطاقة الشمسية فى مختلف المواقع البترولية، كضرورة ملحة، دون أن تكون هناك عوائق مثل عدم وفرة التمويل اللازم لنشر مشروعات الطاقة الشمسية فى المواقع البترولية.

وأعتقد أن المهندس كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية يستطيع ذلك، وأن يكون ذلك ضمن أهدافه فى لقاءاته مع الشركاء الأجانب.

وما ينطبق على المواقع البترولية يمتد إلى مواقع الصناعات التعدينية فى الصحراء، يلى ذلك قطاع الزراعة، الذى يعد من أكبر القطاعات المستهلكة للسولار فى أنحاء الجمهورية.

ففى أنحاء القرى المصرية، تعد ماكينات الرى من أكبر مستهلكى السولار، وحينما ترتفع أسعاره يؤدى ذلك إلى زيادة تكاليف مختلف المحاصيل الزراعية.

وفى دول عديدة قامت بتحويل ماكينات الرى لتعمل بالطاقة الشمسية، بما فى ذلك ماكينات حفر الآبار لاستخراج المياه الجوفية، بينما فى مصر لا يزال الاعتماد على السولار بشكل أساسى فى ماكينات الرى، أيا كان نوعها، ولا توجد سوى محاولات محدودة جدًا لعمل ماكينات الرى بالطاقة الشمسية.

وبينما أعلنت بعض البنوك عن قروض لتحويل ماكينات الرى لتعمل بالطاقة الشمسية، أو اقتناء أنظمة رى جديدة، تعمل بالطاقة الشمسية، إلا أنه لا يوجد إقبال عليها، نظرًا لارتفاع فائدة القرض، أو الحصول على هذه القروض واستخدامها فى أغراض أخرى بعيدًا عن الطاقة الشمسية، واستمرار الاعتماد على السولار.

وحلًا لذلك، فكان من الأحرى أن تتبنى وزارة الزراعة، بالتعاون مع وزارة الرى، مشروعًا فاعلًا لتطوير نظم الرى لتعمل بالطاقة الشمسية، خاصة ماكينات الرى المنتشرة فى القرى والأراضى المستصلحة.

ويكمل ذلك ضرورة إحلال الطاقة الشمسية فى المشروعات الزراعية الكبرى، بدلًا من السولار الذى يتم نقله لمسافات كبيرة وبتكلفة عالية جدًا.

وأعنى فى ذلك المشروعات الزراعية فى توشكى والعوينات، والمشروعات الزراعية لمستقبل مصر والدلتا الجديدة، ومثل هذه المشروعات الزراعية الكبرى من الممكن أن يؤدى الاعتماد على الطاقة الشمسية بها فى مختلف المراحل الزراعية إلى خفض استهلاك السولار بها بكميات كبيرة، كما أنه يمكن الاعتماد فى التصنيع الزراعى بهذه المشروعات على الطاقة الشمسية، بدلًا من الاعتماد على السولار أو الكهرباء الحرارية.

وهنا يمكن أن تحل الطاقات الجديدة، خاصة الطاقة الشمسية، محل السولار، فى كافة المحافظات الحدودية، أو التى لها امتدادات صحراوية.

وبشيء من التفصيل، فإن محافظة مثل الوادى الجديد ينبغى أن تعتمد على الطاقة الشمسية، حيث سطوع الشمس بدرجات كبيرة بدلًا من نقل السولار إليها بكميات كبيرة، أو نقل الغاز الطبيعى المضغوط إليها بتكلفة عالية، فى حين كان يمكن الاعتماد على الكهرباء الشمسية فى مثل هذه المحافظة، والتى تكلفنا استثمارات ضخمة، وبكل أسف ما زالت محافظة، مثل الوادى الجديد، لا تعرف شيئًا عن مشروعات الطاقة الشمسية، سواء فى المشروعات الزراعية أو الصناعية أو التعدينية، ويتم استسهال نقل السولار إليها، سواء من معمل تكرير أسيوط، أو من معامل التكرير فى مسطرد بالقاهرة.

وإذا كنا قد ركزنا على محافظة الوادى الجديد، فإن الأمر ينطبق أيضًا على محافظة مرسى مطروح ومحافظات البحر الأحمر وسيناء فى الشمال والجنوب.

وإذا كنا نتحدث عن مثل هذه المحافظات، فقد آن الأوان لكى تنتشر مشروعات الطاقة الشمسية فى كافة القرى السياحية، سواء فى الساحل الشمالى أو العين السخنة أو فى غيرها من المحافظات، بدلًا من الاعتماد على توليد الكهرباء من وحدات الديزل أو من مصادر الكهرباء الحرارية التى تعتمد على الغاز الطبيعى أو المازوت أو السولار.

وعندما نقول القرى السياحية، فلأنها تقع فى مناطق سطوع الشمس بدرجات كبيرة، وإذا كنا نطالب بذلك فى كافة القرى السياحية، فقد آن الأوان أن تعتمد إنارة كافة منشآت النوادى على الطاقة الشمسية أيضًا.

والمثير أنه بينما ندعو إلى إحلال الطاقة الشمسية محل السولار، فى كافة المجالات التى تعتمد على السولار، نرى ظاهرة اعتماد إعلانات (الآوت دور) على وحدات الديزل مستقلة، دون أن ترتبط بشبكة الكهرباء.

وقد انتشرت هذه الظاهرة، ليس على الطرق الصحراوية بل داخل القاهرة الجديدة، حيث أصبحنا نرى بجوار كل إعلان (آوت دور) وحدة ديزل اعتمادًا على السولار لإنارة هذا الإعلان ليلًا.

والمثير أن تلك الإعلانات التى تزيد من استيراد وحدات الديزل، وتزيد من استهلاك السولار، لا أحد يعرف سعر لتر السولار الذى تحصل عليه، هل بالسعر المدعم أم بسعر استثمارى، كما هو الحال فى أسعار السولار لأبراج شركات المحمول.

وأعتقد أنه قد آن الأوان لوقف هذه الظاهرة، وأن تعمل هذه الإعلانات بالطاقة الشمسية، كما يحدث الآن فى تحويل أبراج شركات المحمول، لتعمل بالطاقة الشمسية بدلًا من السولار.

الخلاصة أن هناك مجالات كثيرة أصبحت تحتم أن تحل الطاقة الشمسية فيها محل السولار.

وهذا لن يأتى إلا من خلال مشروع قومى عاجل لإحلال الطاقة الشمسية محل السولار، حتى يمكن خفض استهلاك السولار، وخفض فاتورة استيراد السولار.

وقبل هذا وذاك، مواجهة الإسراف فى استهلاك السولار وتوفير الدعم وخفض فاتورة الاستيراد، ولا بديل فى ذلك عن الاعتماد على الطاقات الجديدة، بخاصة الطاقة الشمسية.

 
 
 
 
 

أخبار الساعة