لا شك أن تأهل منتخب مصر الأول الكروى لكأس العالم القادمة 2026 ، جاء طبيعيًا نتيجة التوسع فى نظام البطولة وزيادة عدد المنتخبات المشاركة، والأهم من التأهل هو التخطيط الجيد والإعداد العلمى الصحيح حتى لا يكتفى الفراعنة بالتمثيل المشرف، لأن التأهل فى حد ذاته ليس إنجازًا، ولكن الإنجاز الحقيقى هو ترك بصمة واضحة كالتى تركها المنتخب المغربى فى مونديال قطر 2022 ، لا سيما وأن كل المقومات متوفرة لدينا، فمنتخبنا قوى ومتكامل ويضم لاعبين محترفين مميزين على رأسهم محمد صلاح أحد أفضل لاعبى العالم؛ لذا لا يجب الاكتفاء بالصعود من دور المجموعات بالمونديال، ولكن الإنجاز الحقيقى هو التأهل لدور الثمانية على الأقل.
ولذا يجب البدء من الآن فى الاستعداد للمونديال على أن تكون كل المباريات الودية قوية وليست بالتدريج، وبطولة أمم إفريقيا ستكون بروفة قوية قبل كأس العالم الهدف الأكبر والأسمى للفراعنة، والحقيقة أننا كمنتخبات عربية نحتاج إلى التأهيل النفسى بجانب البدنى بعد صعودنا للمشاركة فى كأس العالم، تأهيل يبعد عنا فكرة الخضوع بـ«التمثيل المشرف» ويحول الكلمتين إلى أدوات قتال أملاً فى تحقيق النتائج المشرفة، بالعروض القوية، ومن خلال استبعاد المفهوم الخاطئ للتمثيل المشرف واستلهام روح «مقاتلى الحروب».
وقد تكون المستويات الأوليمبية والعالمية غامضة للبعض، لكن فى كرة القدم لعبة الأمم والشعوب يتوارى هذا الغموض، فالتمثيل المشرف يخضع لتقييم الأداء فى الألعاب الجماعية، وليس ربط التمثيل المشرف بالمراكز، ولذلك تحظى منتخبات كرة اليد المصرية بالتقدير لكونها فى دائرة قمة اللعبة، بمراكز تتراوح بين السادس والثامن، وهو تقييم يستند على الأداء، وعلى الندية والقدرة التنافسية، بينما فى بطولة واحدة ومن فريق واحد يمكن أن نرى التناقض بين التمثيل المشرف والتمثيل الهزيل فى واحدة من أعاجيب الكرة المصرية، وذلك فى كأس القارات 2009 فى جنوب إفريقيا، فخسرنا من البرازيل 3/4 بعد مباراة رائعة ومشرفة جدًا وهزمنا إيطاليا حاملة لقب كأس العالم ثم خسرنا أمام أمريكا مباراة لم يكن من اللائق أن نخسرها.
والتمثيل المشرف يستحق تقييمًا عميقًا للمستوى وللأداء وللخطط والتكتيك. ولا تكفى النتيجة لوصف مشاركة فريق بأنه تمثيل مشرف، فالمهم كيف يلعب الفريق؟ وكيف يصارع منافسيه؟
ولن يكون تحقيق الهدف الأسمى بالمونديال القادم سهل المنال، ولذا يجب أن يزرع الجهاز الفنى فى عقول اللاعبين أننا ذاهبون للمنافسة فى كأس العالم وليس لمجرد التواجد، ومن المؤكد أن المرحلة المقبلة صعبة وكلها اختبارات قوية للمنتخب وللجهاز الفنى.
فلن يكون الطريق ممهدًا أمام الجهاز الفنى، خلال رحلته فى تصفيات مونديال 2026، وأيضًا فى مشواره نحو كأس الأمم الفريقية القادمة «الكان» بالمغرب، لأسباب عديدة منها تغير خريطة إفريقيا كون المنتخبات السمراء باتت أكثر شراسة وقوة عن السابق، بالإضافة لقوام المنتخبات، والتى تضم عناصر صغيرة سنًا ولكنها مفعمة بالحيوية والقوة لرغبتها فى تحقيق إعجاز وإنجاز يحسب لها، وترجع نقاط القوى المستمدة فى الفترة الأخيرة فى تلك المنتخبات، لعنصر الوعى والنظام والتنظيم الذى اعتمد عليه اتحادات المنتخبات بالاستعانة بمدربين لهم خبرات تتولى شئون الأندية والمنتخبات، لتفرز قوامًا متناسقًا سهل الانتشار، وهذا سبب قوى فى تواجد منتخبات كانت تعد من أضعف منتخبات القارة لا سيما فى دور المجموعات بالتصفيات لتتحول لمصدر للإزعاج، فمجرد التأهل للمونديال لن يكون هو غاية الجماهير المصرية، خلال المرحلة المقبلة، ولكن التواجد بقوة وتحقيق نتائج إيجابية على غرار منتخبات عربية وإفريقية خلال الدورات السابقة، هو مطمح الجماهير التى تأمل فى حماس وخبرات الجهاز الفنى بقيادة قائد كتيبة المنتخب المدير الفنى حسام حسن، فى صناعة قماشة قوية قادرة على تقديم العروض والنتائج المهمة فى المونديال القادم، وعدم الخروج من دور المجموعات كما هو العهد خلال المشاركات الثلاث السالفة، ويكون التباهى بهدف مونديالى، يعيش على ذكرياتها أجيال وأجيال، لذا على الجهاز الفنى لمنتخب مصر الأول، خلال فترات التوقف، العمل على الاحتكاك بمنتخبات قوية،
حتى لا تصطدم الطموحات والأمانى بقوة المنافس داخل حلبة المونديال، وتكون النتيجة وداعًا مخيبًا للفراعنة، وهذا سوف يكون له صدى غير طيب خاصًة مع حالة التألق التى ظهر عليها منتخب المغرب، فى النسخة الماضية، ونجاحه بالإطاحة بمنتخبات كبيرة.
وقد حقق منتخب مصر الأول الكروى إنجازات كبيرة على مستوى قارة إفريقيا، لكنه نجح فى الوصول إلى بطولة كأس العالم، فى ثلاث مناسبات فقط، ويعد هذا رقمًا ضعيفًا مقارنة بمنتخبات ذات رصيد من البطولات على مستوى القارة أقل، شارك المنتخب المصرى فى النسخة الأولى من المونديال عام 1934 كأول منتخب إفريقى وعربى يخوض نهائيات كأس العالم، وخرجت مصر من الدور التمهيدى عقب خسارتها أمام منتخب المجر بأربعة أهداف لهدفين، فى المباراة التى أقيمت فى نابولى، وبعد 56 عامًا من الغياب، عادت مصر للظهور فى كأس العالم فى مونديال إيطاليا 1990، وأوقعت قرعة تلك البطولة المنتخب المصرى فى مجموعة تضم منتخبات هولندا، وإيرلندا، وإنجلترا، وتعادل الفراعنة مع كل من هولندا (1-1)، وإيرلندا (0-0)، قبل أن يخسروا أمام إنجلترا (0-1)، لتودع مصر البطولة من الدور الأول، وكان الظهور الأخير للفراعنة، تأهل منتخب مصر إلى بطولة كأس العالم فى روسيا 2018، بعدما تصدر مجموعته فى التصفيات الإفريقية برصيد 13 نقطة، حصدها من أربعة انتصارات وتعادل، مقابل خسارة واحدة، وودع الفراعنة البطولة من الدور الأول بعد الخسارة من أوروجواى، وروسيا والسعودية.