رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

"فاينانشيال تايمز": منظمة التجارة العالمية ضرورة لا يمكن تجاهلها رغم انتقادات ترامب

6-10-2025 | 10:50

منظمة التجارة العالمية

طباعة
دار الهلال

أكدت صحيفة (فايننشال تايمز) أن منظمة التجارة العالمية، لا تزال تلعب دورا لا غنى عنه بالنسبة للإدارة الأمريكية رغم توترات متعددة بين الجانبين.


وأشارت الصحيفة - في تحليل لها - إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لطالما انتقدت المنظمة الدولية وصلاحياتها، لكنها في مواقف حساسة ما تزال تلجأ إلى آلياتها وتحتاج إلى شرعيتها الدولية.


وفق الصحيفة، سخرت إدارة الرئيس الأمريكي من "منظمة التجارة العالمية" إلى حد اعتبارها كتلة فشل "منزوعة الأسنان"، غير أن المؤسسة، التي تستقر في جنيف، لازال يحدوها الأمل بأن واشنطن لم تُدر ظهرها بشكل كامل للأطر المسيرة للتجارة العالمية.


وكانت (واشنطن) قد وضعت خططا للانسحاب من بعض المنظمات الدولية، كما قلصت مساهماتها في مؤسسات أخرى ضمن مراجعة شاملة للإنفاق الفيدرالي.


وفي استعراض تحليلي لمستقبل "منظمة التجارة العالمية" في ظل انتقادات الإدارة الأمريكية الأخيرة على القواعد الأساسية للمبادلات التجارية، اعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أنه رغم السلوك الأحادي الذي أبدته إدارة ترامب التي فرضت تعريفات جمركية تخالف مبادئ المنظمة، فإنها لازالت تعمل جاهدة للحفاظ على بعض جوانب المنظومة العالمية، وفق دبلوماسيين في المنظمة.


وأضافت أن الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تدعم بقوة "منظمة التجارة العالمية" مقترحها الرامي لحماية "مهلة التجارة الإلكترونية"- وهي الاتفاقية التي أبرمت منذ عام 1998 التي أوقفت فرض تعريفات على الصادرات الرقمية، مثل البرمجيات، والكتب الإلكترونية، وغيرها من المحتويات الإلكترونية- التي من المقرر انتهاء العمل بها في مارس من العام المقبل، مالم يتم التوصل إلى اتفاق على تمديدها من أعضاء المنظمة البالغ عددهم 166 دولة.


وأشارت الصحيفة إلى أن كثيرين في (جنيف) فوجئوا حينما أطلقت إدارة ترامب مفاوضاتها مع إندونيسيا الشهر الماضي، والتي أسفرت عن التوصل إلى التزام بالإبقاء على هذه "المهلة"، إضافة إلى دعم اتفاقيات تستهدف خفض دعم مصايد الأسماك، وتسهيل الاستثمار في الدول النامية.


ووصف أحد الدبلوماسيين الأوروبيين في المنظمة النهج الأمريكي بأنه "نهج انتقائي"، حيث يفرزون وينتقون ما يروق لهم، لكنهم على الأقل لازالوا يجلسون على مائدة التفاوض."


وفي تصريح سابق.. انتقد الممثل التجاري الأمريكي، جيميسون جرير، الإدارات الأمريكية السابقة؛ بسبب جلب السياسة التجارية للولايات المتحدة من الخارج "بسبب خضوعها لتوجيهات محكمين غير منتخبين في جنيف"، وأكد أن بلاده تستغل موقفها استراتيجيا، بمعنى أنها تحتفظ بنفوذها وتأثيرها على المفاوضات ونتائجها في "منظمة التجارة العالمية".


وفي هذا الصدد.. قالت المديرة العامة لـ"منظمة التجارة العالمية"، نجوزي أوكونجو إيويلا، وزيرة المالية السابقة لنيجيريا، التي تكافح من أجل جعل المنظمة أكثر قدرة على مواجهة انتقادات الإدارة الأمريكية إن هناك بصيصا من الأمل".


وصرحت نجوزي إيويلا لـ"فاينانشيال تايمز"، على هامش المنتدى العام للمنظمة الذي عقد في جنيف الشهر الماضي وحضره أكثر من 4000 شخصية سياسية ودبلوماسية وممثلي شركات، بأن "الولايات المتحدة لازالت تنظر لمنظمة التجارة العالمية ولو بعين واحدة."


ولفتت إلى أن قرار ترامب، بتعيين سفير جديد في المنظمة- جوزيف بارلون، الذي كان يتولى منصب المدير العام لمكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة ومن المقرر أن يحصل على مصادقة مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل- يمثل برهاناً آخر على ميل الولايات المتحدة للانخراط والتعاون.


الأكثر أهمية، من وجهة نظر نجوزي إيويلا، أنه عندما قدمت البرازيل شكوى للمنظمة في أغسطس ضد التعريفات الجمركية الأمريكية الأحادية الجانب التي فرضها بنسبة 50 في المائة – رسميا، "طلب مشورة"- فإن إدارة ترامب لم تتجاهل المشكلة، بل قبلتها من خلال القنوات القانونية الصحيحة.


وأضافت أن "ذلك دليل أن الولايات المتحدة تتعاون، و(أنها) تقبل المشاورات من أعضاء آخرين"، رغم أن جهة التحكيم التنفيذية الأقوى في المنظمة، محكمة الاستئناف، تحتضر منذ عام 2019 لأن الولايات المتحدة ترفض تزويدها بقضاة.


وتشير الصحيفة، من الناحية العملية، إلى أن هناك اتفاقا عاما بشأن حدود انخراط الولايات المتحدة في التعاون مع المنظمة، لكن دبلوماسيين من بلدان صغيرة وكبيرة يعتبرون أن كل ما يمكن إنقاذه من الركام الذي تسببت فيه هجمة ترامب سيكون على أساس اتفاقيات منظمة التجارة العالمية.


وعلق رئيس غرفة التجارة العالمية، فيليب فارين على المشهد قائلا "إن منظمة التجارة العالمية تشبه ’جافا سكريبت’ (لغة برمجة نصية تفاعلية في الكمبيوتر): إذا عملت بسلاسة في خلفية حاسوبك، فإنك لن تراها، لكن بمجرد أن تصاب بفيروس، فإن المشكلات سرعان ما تتراءى أمامك."


وتعرب نجوزي إيويلا عن أملها في أنه ربما تسهم "الهزة التي تسببت فيها إدارة ترامب" في دفع وزارة التجارة في العالم إلى العمل على الإسراع في خطى الإصلاح عندما يلتقون سوياً في المؤتمر الوزارة الـ14 لـ"منظمة التجارة العالمية"، الذي سيعقد في مارس المقبل وتستضيفه الكاميرون.


ومن البوادر المشجعة، تلفت نجوزي إلى أن 72 في المائة من التجارة العالمية، رغم استفزازات ترامب المتكررة- لايزال يتدفق وفق مبادئ "الدولة الأولى رعاية"، كما أن بقية العالم لم ينزلق إلى دوامة الإجراءات الانتقامية المتبادلة واسعة النطاق. 


وبرغم الضغوط التي تواجهها منظمة التجارة العالمية لم تتدهور التجارة العالمية، ما يؤكد على ضرورة الحفاظ على مستوى معين من التعاون الوظيفي، حسب مديرة المنظمة نجوزي، التي شددت على أهمية استخدام انتقادات ترامب كحافز لإصلاح منظمة التجارة العالمية، بما يعيد مواءمتها مع أهدافها الأساسية، وبما يضمن تكيفها مع ديناميكيات وتحديات التجارة المعاصرة مع الحفاظ على أنظمة التجارة العالمية.


في وقت سابق، حذرت منظمة التجارة العالمية من تدهور آفاق التجارة العالمية بشكل حاد في أعقاب نظام التعريفات الجمركية الذي فرضه الرئيس الأمريكي.


وذكرت - في أحدث تقرير لها بعنوان (آفاق وإحصاءات التجارة العالمية) - "تدهورت آفاق التجارة العالمية بشكل حاد بسبب زيادة التعريفات الجمركية وعدم اليقين بشأن السياسات التجارية".

أخبار الساعة

الاكثر قراءة