يمر منتخبنا الأول لكرة القدم، بفترة دقيقة ومرحلة كروية عصيبة، تتطلب التكاتف والتجانس والعمل على قلب رجل واحد تحت قيادة جهاز التوأم، خصوصًا أن اللعبة ليست مجرد حدث ترفيهي، بل حياة بالنسبة للمصريين، وتُعد أحد الاهتمامات الرئيسية التى تجذب جميع طوائف الشعب، بمختلف الأعمار السنية والفئات المجتمعية، لذا فالكل يترقب تصفيات مونديال كأس العالم 2026، والتحضير لبطولة الأمم الإفريقية المقرر إقامتها خلال ديسمبر المقبل، وبين هنا وهناك يكثر الحديث عن جاهزية الفراعنة، مع تزايد التكهنات عن مستقبل الجهاز الفنى بقيادة العميد حسام حسن، عقب البطولة القارية فى المغرب.
«المصوّر» التقت بمدير الكرة إبراهيم حسن، ليتحدث بصراحة ووضوح ويضع النقاط فوق الحروف، ويكشف للجمهور عن خطط المنتخب الوطني، والتحديات القادمة، ورؤيته لأبرز اللاعبين ومستوى عناصر الفراعنة، فكان لنا معه هذا الحوار المطول، وإليك نص الحوار..
ما خطط المنتخب قبل المباراتين القادمتين فى تصفيات المونديال أمام إثيوبيا وبوركينا فاسو؟
مباريات التصفيات دائمًا لها طابع خاص؛ لأنها لا تحتمل أى تهاون أو فقدان نقاط، خصوصًا ونحن فى نهاية المشوار، وندرك أن مواجهتى إثيوبيا وبوركينا ستكونان مفتاح الطريق نحو التأهل، ولهذا بدأنا العمل منذ فترة مبكرة على وضع خطة إعداد شاملة، وجهاز العميد حرص على متابعة جميع اللاعبين المحليين فى الدورى بشكل دقيق، وكذلك المحترفون فى أوروبا والدوريات العربية، من أجل اختيار التشكيلة الأنسب التى تمنحنا التفوق.. والعمل لم يقتصر على الجانبين البدنى والفنى فقط، بل ركزنا أيضًا على الناحيتين النفسية والمعنوية؛ لأننا نعلم أن اللعب تحت ضغط الجماهير الكبيرة والآمال المعقودة على المنتخب يتطلب شخصية قوية وروحا قتالية عالية، والتحضير يتضمن معسكرا تدريبيا مكثفا يتخلله بعض المباريات الودية لزيادة الانسجام، بالإضافة إلى تدريبات تكتيكية متخصصة لمعالجة بعض الثغرات التى ظهرت فى اللقاءات السابقة، وخاصة على مستوى الدفاع وبناء اللعب من الخلف.
كيف يستعد المنتخب لفترة التوقف الدولى التى تسبق بطولة «الكان» الإفريقية المقبلة؟
هذا التوقف الدولى سيكون بمثابة بروفة نهائية قبل البطولة القارية، ولهذا وضعنا لها أهمية قصوى، سوف يكون هناك معسكر خارجى غالبًا فى دولة أوروبية أو خليجية، والهدف من ذلك هو خلق أجواء مشابهة لبطولة مجمعة، حيث يقضى اللاعبون فترة طويلة سويًا بعيدًا عن ضغوط الأندية خلال هذا المعسكر، وسنعمل على تثبيت التشكيل الأساسى الذى سيخوض مباريات كأس الأمم، مع تجربة بعض البدائل فى مراكز محددة لضمان جاهزية الجميع.. كما سنخوض مباراتين وديتين مع منتخبات قوية لهم أسلوب لعب مشابه للفرق التى سنواجهها فى البطولة، حتى يكون اللاعبون على دراية كاملة بمتطلبات المواجهات المرتقبة، أيضًا سنولى اهتمامًا بالجانبين الطبى والتأهيلى؛ لأن ضغوط المباريات المحلية والإصابات المتكررة قد تكون عائقًا كبيرًا فى مثل هذه المنافسات القارية.
ظهرت تقارير إعلامية تتحدث عن رحيل الجهاز الفنى بعد نسخة المغرب، ما ردك على هذه التكهنات؟
لا ننشغل بالشائعات أو التقارير الإعلامية؛ لأن تركيزنا بالكامل منصب على الملعب ومصلحة الفريق القومي، ومن الطبيعى أن تكون هناك آراء وانتقادات، لكن الجهاز الفنى يعمل بكل إخلاص ولا ينظر إلا للصالح العام.
وما طبيعة علاقتكم مع رئيس الجبلاية ووزير الرياضة؟
علاقتنا مع الكابتن هانى أبو ريدة علاقة احترام متبادل، قد تكون هناك اختلافات فى وجهات النظر، لكن هذا أمر طبيعى فى كرة القدم، أما بالنسبة لوزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي، فهناك تواصل دائم، والهدف المشترك هو مصلحة مصر قبل أى شيء، ولا ننظر إلى ما بعد كأس الأمم الآن، كل تفكيرنا هو فى البطولة نفسها وكيفية إسعاد الشعب المصرى بلقب غائب منذ سنوات، وإذا نجحنا فى ذلك، أعتقد أن الأمور ستختلف تمامًا وسينظر الجميع للجهاز الفنى بشكل مغاير.
كيف ترى تراجع مستوى بعض العناصر الأساسية خاصة تريزيجيه؟
تراجع مستوى لاعب أو تألق آخر أمر طبيعى فى اللعبة، ولا يجب أن يكون مصدر قلق دائما، محمود تريزيجيه لاعب كبير وصاحب خبرات طويلة مع المنتخب، ربما يمر بفترة عدم توفيق مع الأهلي، لكننا واثقون أنه قادر على استعادة مستواه بسرعة، خصوصًا أنه يمتلك شخصية قوية وحافزا معنويا كبيرا.
فى المقابل كيف ترى تألق أحمد سيد «زيزو» مع الأهلي؟
زيزو يقدم أداء رائعًا مع المارد الأحمر، وتقديمه 4 مساهمات تهديفية فى 3 مباريات دليل على جاهزيته الكبيرة، ونتابعه عن قرب، كونه أحد العناصر المهمة التى نعتمد عليها بشكل كبير، خاصة أنه لاعب متعدد الاستخدامات ويمكن توظيفه فى أكثر من مركز هجومي، وبالنسبة لنا، الباب مفتوح أمام الجميع، والمستوى الحالى للاعب هو المعيار الأول للاختيار، بعيدًا عن الأسماء أو تاريخه الشخصى.
وهل تعتقد أن منتخب مصر قادر على المنافسة فى كأس الأمم القارية؟
بكل تأكيد، مرشحون دائمًا للفوز بأى بطولة نشارك فيها، خاصة كأس الأمم الإفريقية التى تعد البطولة المفضلة للفراعنة تاريخيًا، ولدينا جيل مميز يجمع بين الخبرات والشباب، وقائد مثل محمد صلاح يمنح اللاعبين الثقة والإصرار، ونعلم أن المنافسة ستكون صعبة، خاصة مع وجود منتخبات قوية مثل السنغال والمغرب ونيجيريا، لكننا نثق أن المنتخب قادر على الذهاب بعيدًا فى البطولة.
وقوعنا مع منتخبات جنوب إفريقيا وزيمبابوى وأنجولا.. هل تراها مجموعة فى المتناول؟
على الورق قد تبدو مجموعتنا فى المتناول، لكن الواقع مختلف تمامًا، فكتيبة الأولاد قوية ومنظمة ويملكون عناصر تلعب فى أوروبا، وزيمبابوى منتخب يملك طموحًا كبيرًا رغم ظروفه، وأنجولا دائمًا خصم عنيد، لذلك نحن نتعامل مع المجموعة بجدية كبيرة، ونعتبر أن كل مباراة بمثابة لقاء نهائى بحد ذاته، هدفنا ليس فقط التأهل، بل الصعود فى صدارة المجموعة حتى تكون لنا أفضلية فى الأدوار التالية.
هل الفراعنة يستطيعون الوصول إلى الصدارة بل والوصول إلى منصات التتويج؟
لدينا من الخبرات والقدرات ما يؤهلنا لذلك، وأثق أن اللاعبين يدركون حجم المسئولية الملقاة على عاتقهم أمام جماهيرهم المتعطشة لحصد اللقب الغائب، خاصة أن طموحنا لا يقل عن الوصول إلى النهائي، بل الفوز باللقب نفسه، والمنتخب يمتلك تاريخًا كبيرًا فى كأس الأمم، والشعب المصرى لا يرضى إلا بالبطولات، ورغم اعترافنا بقوة المنافسة وشراستها، لكن إذا لعبنا بروح الفراعنة المعروفة ونجحنا فى استغلال إمكاناتنا بالشكل الأمثل، فالوصول إلى النهائى ليس مستحيلًا بل واقعى جدًا، المهم أن ندخل البطولة بتركيز كامل، وأن نتجنب الأخطاء الفردية التى كلفتنا الكثير فى نسخ سابقة.
بالانتقال إلى مونديال 2026، إذا ما نجح المنتخب فى التأهل، ما خططكم لهذه الكأس العالمى خاصة أنها ستُقام فى أمريكا وكندا بمواعيد متأخرة جدًا؟
التأهل إلى كأس العالم هدف استراتيجى لنا جميعًا، ونعمل عليه منذ الآن، وإذا تحقق هذا الحلم، فبالتأكيد سنضع خطة خاصة لأن البطولة العالمية التى ستكون استثنائية بكل المقاييس، سواء من حيث عدد المنتخبات أو طبيعة الملاعب والأجواء، أما توقيت المباريات المتأخرة فسيكون تحديًا، ولهذا سندرس الأمر بشكل طبى دقيق لضبط برامج النوم والتغذية والتدريبات للاعبين بما يتناسب مع الفوارق الزمنية، وأخص بالذكر أننا لا نريد مجرد المشاركة فى المونديال، بل أن نسجل حضورا قويا ومؤثرا، وأن نثبت للعالم أن مصر قادرة على منافسة الكبار، وهذا يتطلب إعدادًا مبكرًا يبدأ من الآن.
وكيف ستتعاملون مع أزمة الدفاع بعد إصابة محمد عبدالمنعم.. وما الحلول المطروحة؟
بلا شك إصابة نجم نادى نيس الفرنسى خسارة كبيرة، لأنه من العناصر الأساسية فى خط الدفاع، لكن كرة القدم دائمًا مليئة بهذه المواقف، ولدينا أكثر من بديل جيد، ونعمل على تجهيز لاعبين مثل محمود مرعى وأسامة جلال، بالإضافة إلى متابعة بعض الأسماء الشابة التى قد تمنحنا حلولًا على المدى الطويل، كما أننا نعمل تكتيكيًا بتقليل الضغط على خط الدفاع من خلال تحسين عملية الارتداد الجماعى وتنظيم وسط الملعب، خصوصًا أن المنتخب لا يعتمد على لاعب واحد، بل على منظومة كاملة، وإذا نجحنا فى ذلك، فأى غياب أى نجم لن يكون مؤثرًا بالشكل الكبير الذى يتصوره البعض.
كيف ترى بداية الأهلى فى الدورى هذا الموسم مع المدرب الإسبانى خوسيه ريبيرو، وماذا سيحدث عقب إقالته بعد مرور
4 جولات فقط؟
بصراحة، من الطبيعى جدًا أن يظهر أى فريق كبير مثل الأهلى بمستوى متذبذب فى بداية الموسم مع مدير فنى جديد، خوسيه ريبيرو مدرب إسبانى له فلسفة مختلفة عما ما اعتاد عليه لاعبو الأهلى فى السنوات الأخيرة، وبالتالى من الطبيعى أن نشاهد بعض الصعوبات فى عملية التأقلم.. والأهلى فريق اعتاد دائمًا على السيطرة وتحقيق نتائج سريعة، لكن الكرة الحديثة أصبحت تعتمد على الصبر والبناء التدريجى للفريق، لكن من حق إدارة النادى اتخاذ أى قرار حتى لو إقالة المدير الفنى.
وماذا عن القطب الآخر وتقييمك للمستوى الذى يقدمه الزمالك هذا الموسم تحت قيادة المدرب البلجيكى؟
فى الحقيقة، الزمالك مع يانيك فيريرا يقدم بداية جيدة جدًا ولافتة للانتباه، المدرب البلجيكى رغم صغر سنه نسبيًا فإنه أثبت شخصية قوية وأسلوب لعب واضح، وهذا انعكس سريعًا على شكل الفريق داخل الملعب، فظهر المارد الأبيض بروح جديدة، سواء على المستوى الجماعى أو الفردي، وهناك انضباط تكتيكى لم نكن نشاهده من قبل فى السنوات الأخيرة.
هل سيكون هناك تنسيق بين الجهاز الفنى للمنتخب الأول بقيادة العميد ونظيره للمحليين ومدربه حلمى طولان الذى سيشارك فى بطولة كأس العرب 2025؟
بالتأكيد، التنسيق أمر أساسى وضرورى فى هذه المرحلة، نحن نعتبر أن المنتخبات المصرية كلها تعمل تحت راية المنتخب الوطني، بغض النظر عن المسميات أو البطولات المختلفة، ووجود الكابتن حلمى طولان على رأس الجهاز الفنى للمنتخب الثانى مكسب كبير، لأنه مدرب صاحب خبرة طويلة ونجاحات عديدة، ويعرف جيدًا كيف يتعامل مع اللاعبين، وكيف يكوّن فريقًا قادرًا على المنافسة، ونرى أن بطولة كأس العرب فرصة جيدة لتجهيز وجوه جديدة، وفى الوقت نفسه ستمثل إضافة مهمة للكرة المصرية، وبالتالي، التنسيق بين الجهازين سيكون لمصلحة المنتخب الأول، لأن أى لاعب يتألق مع المنتخب الثانى سيكون تحت أعيننا، وقد ينضم فى أى وقت لصفوف الكبار.
وما رسالتك للجماهير قبل مواجهتى تصفيات كأس العالم؟
رسالتى لجماهير الكرة المصرية واضحة وصريحة: أنتم السند الحقيقى والدائم للمنتخب الوطني، ووجودكم خلف الفريق هو أكبر دافع للاعبين والجهاز الفنى على حد سواء، نحن نعلم جيدًا حجم شغفكم وطموحاتكم، وندرك أنكم تنتظرون الكثير من الفراعنة فى هذه المرحلة، سواء على صعيد تصفيات المونديال أو فى كأس «الكان» الإفريقى.. فاللاعبين يبذلون كل ما فى وسعهم داخل الملعب، والجهاز الفنى يعمل ليل نهار من أجل تهيئة أفضل الظروف الفنية والبدنية والمعنوية، فكرة القدم ليست دائمًا سهلة، وأحيانًا تواجه فرقًا منظمة وقوية، لكن بدعمكم وإصراركم معنا سنتمكن من تجاوز أى عقبات.

