دعت عضوا مؤسسة "الحكماء"، ماري روبنسون وهيلين كلارك، في ختام زيارتهما إلى مصر اليوم الثلاثاء، إلى ضرورة اتخاذ إجراءات دولية فورية وحاسمة لإنهاء أزمة الجوع والمجاعة في قطاع غزة، مؤكدتين على أن ما شاهدتاه وسمعتاه خلال الأيام الأربعة الماضية يرقى إلى مستوى الكارثة الإنسانية التي تتطلب تحركاً لا يحتمل التأخير.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقدته عضوا مؤسسة "الحكماء"، ماري روبنسون وهيلين كلارك بالقاهرة، بعد زيارة استمرت من 9 إلى 12 أغسطس، شملت لقاءات رفيعة المستوى وزيارة ميدانية إلى مدينة العريش للاطلاع على الأوضاع عن كثب عند معبر رفح.
وأعربتا عن صدمتهما وغضبهما من الإعاقة المتعمدة التي تمارسها إسرائيل لمنع دخول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى غزة، مما يتسبب في انتشار التجويع الجماعي، كما وجهتا اتهامات لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، مطالبتين المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عاجلة لوقف ما وصفتاه بـ"الجرائم الفظيعة".
وقالت هيلين كلارك، رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة: "ما رأيناه وسمعناه خلال زيارتنا يؤكد قناعتنا الشخصية بأن ما يحدث ليس مجرد مجاعة من صنع الإنسان، بل هو إبادة جماعية تتكشف فصولها ."
وقالت: "لقد لمسنا الجهود المصرية الحثيثة لتسهيل دخول المساعدات عبر معبر رفح، لكن حجم الاحتياجات يفوق بكثير ما يسمح بدخوله حالياً، يجب فتح جميع المعابر البرية بشكل كامل ودون عوائق لضمان تدفق المساعدات بالحجم والسرعة المطلوبين ".
وأضافت كلارك أن لديهما أدلة على منع دخول الغذاء والدواء، وشهادات عن قتل مدنيين، بينهم أطفال، أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات، مشيرة إلى أن التدمير المتعمد للمرافق الصحية أدى إلى موت ما لا يقل عن 36 طفلاً جوعاً في يوليو وحده دون أن يجدوا علاجاً لسوء التغذية الحاد الذي أصابهم.
وكشفت كلارك عن إحصائيات صادمة حول الوضع الصحي في غزة، قائلة: " لقد أصبت بالفزع عندما علمت من صندوق الأمم المتحدة للسكان أن معدل المواليد في غزة انخفض بأكثر من 40% في النصف الأول من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها قبل ثلاث سنوات. النساء يلدن في ظروف غير آمنة وبلا مسكنات كافية، والنظام الصحي ينهار، مما يهدد بقاء جيل بأكمله."
من جانبها، اتهمت ماري روبنسون، رئيسة أيرلندا السابقة، إسرائيل بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، مؤكدة أن اتفاقية منع الإبادة الجماعية، التي وضعت لمنع تكرار فظائع التاريخ، يتم انتهاكها قولاً وفعلاً من قبل إسرائيل في غزة، وبصمت من دول قوية لا تحاسب القيادة الإسرائيلية.
وحذرت روبنسون من أن الحكومات التي لا تستخدم كل الأدوات المتاحة لها لوقف الإبادة الجماعية في غزة أصبحت متواطئة بشكل كبير، مؤكدة أن لدى القادة السياسيين السلطة والالتزام القانوني لتطبيق ضغوط حقيقية لإنهاء هذه الجرائم الفظيعة، خاصة مع خطط نتنياهو للسيطرة على مدينة غزة.
وأشارت إلى أنه لم تدخل أي مواد إيواء إلى القطاع منذ مارس الماضي، بينما شاهدوا بأنفسهم كميات كبيرة من الخيام ومواد الإيواء المكدسة في العريش، لم تدخل أي من هذه المواد إلى غزة، تاركة العائلات بلا حماية، كما تواجه 96% من الأسر انعداماً للأمن المائي.
ووجهت روبنسون رسالة مباشرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدة أن الرئيس ترامب لديه النفوذ لإجبار إسرائيل على تغيير المسار، ويجب أن يستخدمه الآن.
ودعا وفد مؤسسة "الحكماء" إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات الفورية، تشمل وقف فوري لإطلاق النار، مع حث إسرائيل وحماس على "العودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار، تضمن الإفراج الفوري عن جميع الرهائن الإسرائيليين وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين المعتقلين تعسفياً .
ومطالبة إسرائيل بفتح جميع المعابر الحدودية إلى غزة، بما فيها معبر رفح، فوراً ودون تأخير، وتعليق عمليات نقل الأسلحة ومكوناتها إلى إسرائيل فوراً، مشيدتين بقرار ألمانيا في هذا الصدد. وكذلك فرض عقوبات محددة على رئيس الوزراء نتنياهو ومجلسه الوزاري الأمني .
كما طالبت المؤسسة بتعليق الاتفاقيات التجارية ودعوة دول الاتحاد الأوروبي إلى تعليق اتفاقية الشراكة التجارية مع إسرائيل، ودعت 20 دولة أخرى على الأقل، بما في ذلك أعضاء مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، للاعتراف بدولة فلسطين بحلول سبتمبر المقبل، مرحبتين بإعلان أستراليا في هذا الصدد .
يذكر أن مؤسسة "الحكماء" منظمة مستقلة، أسسها نيلسون مانديلا، تضم قادة عالميين سابقين يعملون على حل النزاعات وتعزيز السلام في العالم.