العار يلاحق جماعة الإخوان الإرهابية جيلًا وراء جيل، ووصمة الخيانة تطاردهم فى كل المراحل، والفضائح تحاصرهم فى جميع المواقف، والخزى مصيرهم المحتوم فى كل الأزمنة؛ لأنه تنظيم بُنى على باطل من البداية، وأُسّس على التدليس من النشأة، وتورط فى العمالة منذ التكوين، وتربى على الغدر منذ التشكيل، وترعرع فى أحضان الأجهزة الاستخباراتية منذ الإنشاء من الـ«MI6» البريطانى إلى الموساد الإسرائيلى، وما بينهما عدد لا حصر له من تلك الكيانات، منها المعلوم، وما خفى كان أعظم، وهذا يفسر التغلغل الإخوانى فى غالبية الدول، والاختراق التنظيمى لمعظم العواصم، فلا مانع عندهم أن يكونوا ورقة ضغط بل سلاحاً ضد أوطانهم، بشرط استمرار دعم الجماعة، ولا حرج لديهم فى خيانة بلدانهم، ما دام تمويل التنظيم متواصلًا.
تاريخ جماعة الإخوان الإرهابية مليء بالوثائق المؤكدة، ومُكدس بالوقائع الموثقة، ومتخم بالشهادات الدالة على تورطها فى وحل الخيانة، وما أكثر المتخصصين والباحثين فى ملف التنظيمات المتطرفة الذين صالوا وجالوا فى سجلات العار المتراكمة فى مسار العمالة الإخوانية على مدى سنوات متتابعة وعقود متوالية!، كما أن هناك كتبًا جمة، ومطبوعات شتى، ومقالات كثيرة سطّرها المؤرخون لكشف النقاب عن حقارة هذا التنظيم، وأن مصالحه دائمًا تتصالح مع كل الأعداء، وأياديه ممدودة لجميع الخصوم، إذا تحققت المكاسب للطرفين بغضّ النظر عنخسائر الوطن، فالغاية الإخوانية تبرر الوسيلة على طريقة كبير منهجهم «مكيافيلى»، ويستوى فى حساباتهم الأمريكانى مع الصهيونى، ولا فرق عندهم بين التركى والإيرانى، فلا مجال فى موازين التنظيم الدولى للدين، ولا اعتبار للعقائد، ولا قيمة للثوابت الوطنية؛ فهم لا يؤمنون بها من الأصل، وعلى النقيض منها بالسليقة.
ويراهن كهنة التنظيم الدولى للإخوان فى مختلف العصور، وشتى البلدان على قدراتهم على الكذب، ومهاراتهم فى التزوير، واستطاعتهم على التحريف، وطاقاتهم فى الدفاع عن الإفك، وخبرتهم فى الإساءة إلى معارضيهم، وبراعتهم فى صناعة الشائعات المضللة، وإجادتهم لقلب الحقائق، من خلال أذرعهم الإعلامية وميليشياتهمالإلكترونية، بمساندة حلفائهم من الداخل والخارج؛ من أجل طمس معالم المحطات القذرة فى مسيرة الجماعة الإرهابية، ومواصلة بثّ السرديات المكذوبة والروايات المخادعة عن المظلومية، وأنها ضحية التشويه المتعمد من الحكومات، ومجنى عليها من الكُتاب والباحثين المعارضين لها، ومستهدفة من وسائل الإعلام المتابعة لأخطائها.
وللأسف، «آفة حارتنا النسيان»، كما قال أديب «نوبل» نجيب محفوظ، وعلى مدى عقود متعاقبة، نجحت تلكالحيلة الإخوانية، وانطلت على الكثير من المواطنين فى الدول العربية والإسلامية ومنها مصر. صحيح أن هذه المعادلة تغيرت، وتم تصحيح الاتجاه فى ثورة 30 يونيو العظيمة التى فضحت مؤامرة الإخوان، وأوقفت مخطط التمكين، من خلال تكاتف الشعب الواعى مع القيادة الحكيمة، لكن علينا أن نعترف أن نغمة «كفاية كلام عنالإخوان» عادت من جديد لدى البعض، سواء عن حُسن نية أو سوء قصد، بل إن هناك من حلفاء الجماعة مَن يحاول بشتى الطرق إعادتهم للمشهد من جديد، ونسيان خطاياهم فى حق الوطن، وكأن ما فات مات، وهذا الأمرجد خطير، لا بدّ من التصدى له بالتوعية والتثقيف مع تذكير الناس بجرائمهم لإنعاش الذاكرة؛ حتى لا ننسى.
والوقفة المخزية لفرع جماعة الإخوان فى إسرائيل «الحركة الإسلامية» ضد مصر أمام سفارتنا هناك، رغمالاتهامات الباطلة التى رددوها ضد الدور المصرى الظاهر للعيان فى دعم القضية الفلسطينية، تارة بتوصيل المساعدات، وتارة بقيادة المفاوضات لوقف الحرب، والأهم الوقوف بالمرصاد ضد مخطط التهجير ومنع تصفية القضية، والإصرار على حل الدولتين، وأن هذه المظاهرة مسبقة الإعداد مع «الموساد»، معلومة الشعارات من حكومة الاحتلال، مفضوحة النيات من كل الشعوب، مكشوفة الأهداف لجميع المنظمات الأممية والدولية -أظهرت على رءوس الأشهاد، و«على عينك يا تاجر»، أن جماعة الإخوان الإرهابية ركن حصين فى الكيان الصهيونى، تتمتع بحماية نتنياهو وعصابته من المتطرفين من «بن غفير» إلى «سموتريتش» وغيرهم من هؤلاء الأشرار، مقتحمى المسجد الأقصى، وقاتلى الأطفال والنساء، ومخططى هجمات الإبادة، وقادة مؤامرة التجويع لأهل غزة، وها هم قيادة الإخوان، فرع تل أبيب، يُضبطون متلبّسين بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة، يمنحون حكومة الاحتلال صكّ البراءة من التجويع الممنهج، والقتل المتعمّد للفلسطينيين، ويا له من عار وهم يتناقلون الميكروفونات، ويتبادلون اللافتات، ويلتقطون الصور خلال أحاديث الإفك عن موقف مصر المناصر للقضية لحساب إسرائيل المتورطة وفق المحكمة الجنائية الدولية، وتقارير عشرات المنظمات الأممية والعالمية، ناهيك عن آلاف الصور والفيديوهات، وشهادات الضحايا والمراقبين بارتكاب المجازر الجماعية وجرائم التهجير القسرى، واستخدام الغذاء سلاحًا ضد المدنيين العُزل، فهى النازية على الطريقة الإسرائيلية فى أبشع صورها وأحطّ أشكالها.
ورغم أن خير ردّ على السفهاء هو الصمت، فإن الضرورة تحتم فضح تلك الأكاذيب المغرضة، وهذه الافتراءات الباطلة، وهذه المشاهد المصنوعة مع سبق الإصرار والترصد من الكيان الصهيونى والجماعة الإرهابية معا لتشتيت الانتباه عن الجهود المصرية على المستويات كافة، من قوافل المساعدات بمئات الشاحنات التى تنتظر الدخول إلى القطاع، مرورا بالمساعى لوقف الحرب، وحتى حشد العواصم للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فأين كان هؤلاء القتلة الفجرة إخوان تل أبيب على مدى عامين من حرب غزة الكارثية؟ هل أصابهم عمى البصر والبصيرة أمام سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين؟ ولماذا ابتلعوا ألسنتهم حتى ضاع القطاع من الشمال إلى الجنوب وتحول إلى مكان لا يصلح للحياة؟ ومَن منعهم من مناشدة حليفهم نتنياهو على دخول المساعدات الإغاثية من الحدود المشتركة مع غزة بعيدا عن معبر رفح الذى لم يُغلق ساعة واحدة من الجانب المصرى؟، والإجابة القاطعة هى أن الإخوان الصهاينة، قلبا وقالبا، مع إسرائيل، فهى دولتهم، وهذا جيشهم.
بلا حاجة للمزيد من التحليل أو كثير من التنظير، تظاهرة شُعبة تل أبيب من تنظيم الإخوان أثبتت بالقول القاطع، والبرهان الساطع، أن الجماعة الإرهابية والكيان الصهيونى «إيد واحدة»، وأنهما وجهان لنفس العملة، يجمعهما العداء لمصر، والحقد على موقفها الثابت فى رفض التهجير، والتصدى له رغم الإغراءات العديدة، والتحدياتالكثيرة، فقد وافق البعض على استقبال الفلسطينيين، وأبدى غيرهم استعدادهم للتمويل، وتعهد آخرون بالترويج والتسويق؛ انصياعًا لأوامر الإدارة الأمريكية وبعض الوسطاء الأوروبيين ومنهم تونى بلير، لكن كما هى الحالدائما، تكسرت كل هذه الدسائس على صخرة الصمود المصرى، وعادت الأمور إلى نقطة الصفر، وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة القاهرة للسلام، وبنفس المعنى فى العديد من اللقاءات والفعاليات: «إن حل القضية الفلسطينية، ليس التهجير وليس إزاحة شعب بأكمله إلى مناطق أخرى، بل إن حلها الوحيد هو العدل، بحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة فى تقرير المصير، والعيش بكرامة وأمان، فى دولة مستقلة على أرضهم، مثلهم مثل باقى شعوب الأرض».
«إخوان صهيون» تحت الطلب الإسرائيلى، هذه حقيقة وثّقتها خيانة القرن فى تلك المظاهرة المأجورة من دولة الاحتلال؛ بهدف الإساءة إلى الجهود المصرية فى حماية القضية الفلسطينية عموما، ولتخفيف المعاناة وإطعام الجياع، ومواصلة مساعى وقف إطلاق النار فى قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 خصوصًا، وتحمل القاهرة ما تنوءبحمله الجبال على مدى قرابة عامين من الحرب الغاشمة، فى ظل مماطلات لا تنتهى من حكومة نتنياهو المتطرفة من جهة، وتجاهل قيادات حماس -ذراع الجماعة الإرهابية فى القطاع- لمعاناة المدنيين فى بياناتهم وتصريحاتهم مع غياب الخطط العملية للتعامل مع الكارثة الإنسانية، بالإضافة إلى تغليب الحركة لمصلحتها على حساب وحدة الصف الفلسطينى، بدليل عرقلة مبادرات المصالحة الوطنية على مدى سنوات طويلة، رغم فشلها فى إدارة الأزمات المتتابعة فى غزة، وهذا هو نهج الإخوان أيضا كما حدث معنا فى مصر «يا نحكمكم يا نقتلكم»، فهو داء عضال وعدوى مستعصية فى كل شعب وفروع تلك الجماعة المارقة وطنيًّا فى جميع البلدان، فهى لا تؤمن بحدود، ولا تحترم سيادة مثل حليفتها إسرائيل التى تعيش فى أوهام السيطرة بالقوة العسكرية.
ويأخذنا الحديث عن مأزق الانقسام الذى تكرسه «حماس» بين غزة والضفة على حساب القضية الفلسطينية طيلة سنوات سيطرتها على القطاع، وليس خلال الفترة الأخيرة، إلى ضرورة الانتباه لإصرار قيادات الحركة على استبعاد السلطة الفلسطينية التى تمثلها حركة «فتح» عن مفاوضات وقف حرب غزة على مدى قرابة العامين بوساطة «مصرية – قطرية – أمريكية»، رغم أن المنطق والصالح العام يقتضيان نسيان أى خلافات والتمركز حول هدف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ما قبل يونيو 1967، وهو على ما يبدو عند قراءة المشهد بتأنٍّ أن حماس، باستفزازاتها المتكررة، وتعنتها المتواصل، تحول دون الوصول إلى حل للقضية، مما يعطى الفرصة للكيان المحتل لمواصلة العدوان، وتدمير البشر والحجر فى القطاع، بحجة البحث عن المحتجزين وجثث القتلى الإسرائيليين فى حوزة حماس، وبالطبع هناك مَن يقول إن «طوفان الأقصى» من البداية كانت مؤامرة مدبرة لتنفيذ مخطط التهجير، وإلا أليس من الغريب أن تستطيع دولة الاحتلال الوصول بسهولة إلى عقر ديارقيادات حزب الله اللبنانى أسفل الأرض، والمسئولين الإيرانيين فى منازلهم، بينما ما زالت تل أبيب، بكل أجهزتها الاستخباراتية، والأقمار الأمريكية، وتكنولوجيات الذكاء الاصطناعى المتطورة غير قادرة على تحرير الرهائن؟
وسيرًا على العبارة المأثورة «الحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر»، نقول بضمير مستريح وقلب مطمئن: إن جماعة الإخوان الإرهابية وشُعبتها الحمساوية تابعتان لإسرائيل، وتنفذان تعليماتها، ولولا الموقف المصرى الراسخ، والصمود الجبار من الأهالى العُزل فى غزة، لكان مخطط التهجير أصبح رأى العين، ولا عزاء لدعوات التماسك من قيادات حماس، فهم فى الخارج ينعمون بالأمان بينما المدنيون تحت القصف، ويأكلون ما لذّ وطاب فى حين أن المواطنين جياع، وينامون فى الفنادق والشقق الفاخرة، على الرغم من تشريد الغزاويين من منطقةغير آمنة إلى أخرى أشد خطورة، فلا شعور بالمسئولية تجاه أهل غزة، إنهم لدى حماس ورقة سياسية للضغط أو المزايدة، و«الحركة» تسخّر الإعلام لتبرير المواقف بدلا من تقديم حلول ناجزة، والحقيقة الماثلة أمام الجميع، سكان القطاع المحاصر بين تطرف الاحتلال وانتهازية حماس وتصرفاتها -تؤدى إلى تعميق الكارثة وليسمواجهتها، كما أنها ضالعة فى تعطيل المساعدات أو سوء توزيعها على الأقل رغم المجاعة فى القطاع، وأحيانا تسهّل دخول المساعدات، وأحيانا تعوقها لمصالح سياسية بنفس منهجية دولة الاحتلال، ويلزم التأكيد لمنع القيل والقال وكثرة السؤال أنه من الضرورى أن يعلم الكل أن نقد حماس لا يعنى تبرئة إسرائيل، فهى شيطان المنطقة، ومعول الهدم فى الشرق الأوسط كله، وعلينا سدّ الذرائع وإصلاح أوجه الخلل حتى تؤتى تحركات القاهرة المستمرة، والجهود المصرية القوية ثمارها، بوقف الحرب وتمهيد الأرض لحل الدولتين؛ لأنه ضمانة الاستقرار الوحيدة فى هذا الإقليم المضطرب.
حمى الله مصر وشعبها وقيادتها
ومؤسساتها الوطنية من كل سوء

