رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

المصيف فى زمن «السوشيال ميديا».. «طيب وشرير»


10-8-2025 | 20:22

.

طباعة
تقرير: محمد زيدان

لم يعد الصيف مجرد فصل مناخى حار، بل أصبح موسمًا تتكشف فيه التفاوتات الاجتماعية، فبينما تروج السوشيال ميديا لمشاهد لامعة من المصايف الفاخرة، حيث الشاليهات الفارهة والحفلات الصاخبة والنجوم اللامعين، تقف طبقة واسعة من المجتمع المصرى أمام الشاشات فى حالة من الصمت، مع دخول الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تتجه أنظار المصريين إلى الشواطئ، وتشتعل الرغبة فى الهروب إلى نسمة بحر وشمس معتدلة.

 

وصارت «السوشيال ميديا» برأى البعض مرآة مشوهة تعكس عالمًا لا يمت إلى غالبية المصريين بصلة، ولكن فى المقابل، يرى آخرون أن المحتوى المعروض ليس أكثر من انعكاس طبيعى لتنوع الطبقات واختلاف مستويات الإنفاق، وأن الحل لا يكمن فى كبت الصور الفاخرة، بل فى فتح المجال لمحتوى بديل يبرز الوجه الآخر للمصيف المصري، القائم على البساطة والمتعة فى حدود الإمكانات.

السوشيال ميديا فى السنوات الأخيرة أصبحت تتعامل مع موسم الصيف والمصايف كملف تسويقى بحت، كما قال الدكتور حسام النحاس أستاذ الإعلام وخبير الإعلام الرقمى، قبل أن يضيف: بعيدًا عن الواقع الفعلى لكثير من المواطنين، للأسف، تحولت أدوات الدعاية والتسويق عبر المنصات الرقمية إلى آلية لعرض أنماط الرفاهية، من شاليهات فاخرة ومصايف ساحلية باهظة، وكأنها متاحة للجميع، بينما هى فى الحقيقة حكر على فئة محدودة فقط، وأن هذا الخطاب الإعلامى الرقمى يسهم فى تعميق الفجوة النفسية والاجتماعية، ويخلق صورة نمطية عن المصيف باعتباره ضرورة، رغم كونه رفاهية مؤجلة لأغلب الناس.

وتابع أن المحتوى المتداول على السوشيال ميديا قد تجاوز حدود الترويج ليصبح فى كثير من الأحيان نوعًا من الاستعراض والمبالغة، حيث يتم التركيز بشكل مبالغ فيه على المناطق الساحلية ذات التكلفة الباهظة، مثل بعض مناطق الساحل الشمالى التى للأسف الشديد، لم تعد تقدم على مواقع التواصل بوصفها فرصة للراحة أو الترفيه، بل كنوع من التأكيد الطبقي، حتى ظهرت مصطلحات مثل «الساحل الشرير» و«الساحل الطيب»، فى إشارة إلى مناطق باهظة لا يمكن لغالبية المصريين الوصول إليها، وتلك التى ما زالت متاحة للبعض، لكن الحقيقة أن كلا الجانبين سواء ما يعرف بالساحل القديم أو الجديد أصبح يتطلب ميزانية ضخمة تفوق قدرة أغلب الأسر والطبقات المتوسطة، وأن هذا الخطاب الرقمى يكرس لمفهوم زائف عن المصيف، ويشعر المتابع بأن هذه الرفاهية متاحة للجميع، بينما الواقع يشير إلى أن البحر بات «لمن يملك فقط» لا لمن يحتاج إلى نسمة هروب من حرارة الصيف.

«النحاس»، أوضح أن عملية التسويق والدعاية للمصايف تحتاج إلى قدر من التوازن والواقعية، بعيدًا عن الانحياز الكامل للفئات المقتدرة فقط.

لافتا إلى أن الطبقة المتوسطة وهى فئة واسعة تستحق اهتمامًا خاصًا فى الخطاب التسويقى والإعلامي، فهى ما زالت تحاول التمسك بثقافة قضاء إجازة صيفية ولو بأقل الإمكانات. وهناك عدد من الوجهات الشاطئية التى يمكن تقديمها كخيارات واقعية وملائمة لهذه الشريحة، مثل: جمصة، بلطيم، رأس البر، الإسكندرية، ومرسى مطروح، وهى أماكن لا تزال تحتفظ بجاذبيتها الطبيعية وتاريخها كمدن مصيفية، وتعد مناسبة من حيث الأسعار والخدمات المتوفرة، التسويق الذكى يجب أن يراعى الفوارق الاجتماعية، ويعيد الاعتبار للمصايف التى يمكن أن تمنح الأسرة قدرًا من الراحة النفسية، دون أن ترهقها ماديًا.

انعكاس لتطور السوق المصري

من جانبه أكد محمود عصمت، خبير التسويق الرقمي، أن ما يعرض عبر مواقع التواصل من مصايف فاخرة أو أنماط حياة راقية ليس استعراضًا ولا استثناء، بل هو انعكاس طبيعى لتطور السوق المصري، وتعدد الشرائح الاجتماعية، مؤكدًا أن المحتوى الترويجى يخاطب فئة محددة من المستهلكين، كما هو الحال فى أى قطاع آخر، حيث «السوشيال ميديا» مرآة لما هو موجود على الأرض، هناك بالفعل طبقات مقتدرة، ويحق لها أن تعرض تجربتها، كما أن هناك طبقات أخرى تستطيع أن تجد بدائل، فالسوق واسع، والمحتوى متنوع، لكن الجمهور يختار ما يستهلكه، معتبرا أن الحديث عن خطاب طبقى أو حقد اجتماعى مبالغ فيه، فالمصيف سلعة مثل أى سلعة فى السوق، فيها مستويات مختلفة من الأسعار والخدمات، ومن الطبيعى أن يراها كل شخص من زاويته، الأهم هو وجود التنوع، لا حجب صورة طبقة على حساب أخرى.

وأوضح أن لا أحد يجبر الناس على متابعة فيديوهات الساحل أو حفلات النجوم، المحتوى على السوشيال ميديا متنوع، والمشكلة ليست فى النشر، بل فى المتابعة، الجمهور هو من يختار التفاعل مع محتوى معين، وبالتالى خوارزميات المنصات تكافئ هذا النوع من المحتوى وتظهره أكثر، كما أن الانتشار الكبير للفيديوهات المصورة من المنتجعات الفاخرة ليس دليلًا على سيطرة طبقة معينة أو تغييب لبقية المجتمع، وإنما هو نتيجة مباشرة لقواعد الانتشار الذى تتحكم فيه نسب المشاهدة والتفاعل.

 
 
 

الاكثر قراءة